المبتدأ لا يجوز دخول الفاء على خبره إلا إذا كان بمن الشرطية أو ما أشبهها في العموم واستقبال ما يتم به المعنى نحو: الذي يأتيني فمكرم، إذ لم يقصد إتْيًا مُعيّنًا، فـ "الذي" على هذا التقدير بمنزلة (مَنْ) في العموم واستقبال ما بعدها، فجاز أن تدخل الفاء على خبرها لشبهه بجواب الشرط، فلو كان المقصود معيّنا زالت مشابهته (مَنْ) وامتنع دخول الفاء على الخبر كما يمتنع دخولها على أخبار المبتدءات المقصود بها التعيين نحو: زيد مكرم، فلو قلت: فمكرم، لم يجز. فكذلك يجوز: الذي يأتيني فمكرم إذا قصدت بـ (الذي يأتيني) معيّنًا، لكن (الذي يأتيني) عند قصد التعيين شبيه في اللفظ بـ (الذي يأتيني) عند قصد العموم، فيجوز دخول الفاء على خبره حملاً على الشبيه، وإن لم تكن العلة موجودة فيه.
ويدل على أن العرب تعتبر مثل هذا، بناؤها (رقاشِ) وشبهه من أعلام الإناث المعدولة لشبهها بـ (نَزالِ) وشبهه من أسماء الأفعال. فإجراء الموصول المعين مجرى العام في إدخال الفاء على خبره كإجراء (رقاشِ) مجرى (نزالِ) في البناء، فهذا سبب إجازة دخول الفاء في قوله:(الذي رأيته يشقّ رأسه فكذاب).
ونظير قوله تعالى:(وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله)[آل عمران: ١٦٦] فإنّ مدلول (ما) معيّن، ومدلول (أصابكم) ماض، إلا أنه روعي فيه الشبه اللفظي. فإنّ لفظ (ما أصابكم يوم التقى الجمعان) كلفظ (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم)[الشورى: ٣٠]، فأجريا في مصاحبة الفاء مجرى واحدًا.
٣٩٨ - حديث:"لا يتعاطى أحدُكم أسيرَ أخيه فيقتلُه".
قال أبو البقاء: الصواب (لا يتعاطَ) بغير ألف لأنه نهي. وقوله:(فيقتله)