ويجيء في الماضي مع الواو أيضًا، نحو: ما زرته إلا وقد زارني، ولا يجوز الاقتصار على قدْ، فلا يقال: ما زرته إلا قد زارني، لأنك إن نظرت إلى معنى الجزاء الذي يستفاد من مثل هذا الحال، فالجزاء لا يتجرد عن الفاء، إلا إذا كان مع (قد)، وإن نظرت إلى الحال الذي هو أصله فليس فيه حرف الربط المذكور.
وإنما قلنا: إن الأغلب مقارنة مضمونه بمضمون عامله، لأنه قد يجيء بخلاف ذلك، كقولهم: خرج الأمير معه صقر صائدًا به غدًا. وهذا أيضًا من حيث التأويل مقارن، إذ المعنى: عازمًا على الصيد، وكذا معنى الحديث:(ما أيس الشيطان من بني آدم من جهة غير النساء، إلا عازمًا على إتيانهم من قبلهن)، جعلوا المعزوم عليه المجزوم به، كالواقع الحاصل. انتهى.
ومن وقوع المضارع بعد (إلا) حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (لا يتوضأ أحدٌ فيحسن وضوءه، ويسبغُه ثم يأتي باب المسجد، لا يريد إلا الصلاة إلا يستبشر الله به كما يستبشر أهل الغائب بطلعته).
ومن نظائر هذا الحديث، حديث الجمعة:(في يوم الجمة ساعة لا يسأل فيها عبد شيئًا إلا أتاه الله إياه).
١١٨٩ - وحديث:"ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولاً لا يفكه إلا العدل، وما من رجل قرأ القرآن ثم نسيه إلا لقي الله يوم القيامة وهو أجذم".
١١٩٠ - وحديث:"لا يكيد أهل المدينة أحدٌ إلا انماع كما ينماع الملح في الماء".