قال الكرماني: فإن قلت: ما فائدة تكرار لفظ الكون؟ قلت: الاستمرار، وبيان أنه صلى الله عليه وسلم كان يداوم عليها. فإن قلت: ما اسم كان؟ قلت: ضمير الشأن وتقديره: كان الشأن يكون كذا، فإن قلت: الشأن المراد إما ماض أو مستقبل، فما التلفيق بينهما؟ قلت: ماض، وذكر بلفظ المضارع استحضارًا وإرادة للاستمرار.
١٥٨٧ - حديث: "صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا فترخص فيه فتنزه عنه قوم فقال: ما بال قوم يتنزهون عن الشيء أصنعه".
قال الأشرفي:(أصنعه) في موضع النصب على الحال من (الشيء)، ويجوز أن يكون مجرورًا وصفًا له، لأنه منكر معنى، كقوله صلى الله عليه وسلم:(يأتيه الأمر من أمري) أي: أمر من أموري.
قال الطيبي: وفيه بحث، لأن التعريف في (الشيء) للعهد وهو إشارة إلى قوله: (شيئًا). وهو فعل مخصوص تنزهوا عنه. فالحال أولى.
وقوله:(يتنزهون) صفة (أقوام) وفي معناها الحال في قولك: مالك قائمًا؟.
وقوله:(ما لكم لا ترجون لله وقارًا)[نوح: ١٣].
وقوله:(والله) وقع موقع (وقد خلقكم أطوارًا)[نوح: ١٤] فإنه حال من الضمير في: (لا ترجون) مقررة لجهة الإشكال، أي ما لكم غير آملين لله وقارًا والحالة هذه كذلك. (فما لكم) أي ما بالهم يتنزهون وأنا بين أظهرهم وأعلم بالله منهم؟ فهذه الفاء نظيرتها في قوله تعالى:(أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم)[آل عمران: ١١٤].