وقال الكرماني: قوله: (إلى دنيا) هو إما متعلق بالهجرة إن كان لفظ (كانت) تامة، وهو خبر لـ (كانت) إن كانت ناقصة.
قال: وقوله: (إلى ما هاجر إليه)، إما أن يكون متعلقًا بالهجرة، والخبر محذوف، أي: هجرته إلى ما هاجر إليه غير مقبولة أو غير صحيحة، وإما أن يكون خبر (فهجرته). والجملة خبر المبتدأ الذي هو (من كانت). وأدخل الفاء في الخبر لتضمن المبتدأ معنى الشرط. انتهى.
قال الحافظ ابن حجر: وهذا الثاني هو الراجح.
قلت: لأن الأصل عدم الحذف، ولا يعدل إليه ما استغني عنه.
ثم قال الكرماني: فإن قلت: المبتدأ والخبر بحسب المفهوم متّحدان فما الفائدة في الإخبار؟
قلت: لا اتحاد، إذ الجزء محذوف، وهو: فلا ثواب له عند الله، والمذكور مستلزم له دالّ عليه، أو فهي هجرة قبيحة خسيسة، لأن المبتدأ والخبر وكذا الشرط والجزاء إذا اتحدا صورة يعلم منه التعظيم نحو: أنا أنا، وشعري شعري، ومن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، والتحقير نحو: فهجرته إلى ما هاجر إليه.
[٨٢٠ - حديث:"اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا".]
قال الطيبي: عطف النواهي على الأوامر للتأكيد وحذف نون المفعولات في بعض الألفاظ، إرادة لإجرائها مجرى:(فلان يعطي ويمنع)، مبالغة وتعميمًا.
وقال المظهري: قوله: (ولا تهنّا) أصله: ولا تهوننا، فنقلت كسرة الواو إلى الهاء، وحذفت الواو لسكونها، وسكون النون الأولى، ثم أدغمت النون في النون الثانية.