تعوّضَ بالحجارَةِ مِنْ حُجُور ... وبانَ عن الُّترْيبِ إلى الُّترابِ
ومن أبيات الحماسة:
وهَلْ هي إلا مِثْلُ عِرْسٍ تبَدّلتْ ... على رَغْمِها مِنْ هاشمٍ في مُحارب
يعني أنها نكحت في هاشم وفارقتهم فنكحت في محارب.
وجاء بـ"في" في موضع الباء لمقاربة ما بينهما، والفعل في هذا الوجه مطاوع الفعل في الوجه الذي قبله. تقول: أبدلت الشيء بالشيء، فتبدَّله.
فهذه أربعة أوجه على أربعة مقاصد، تتعيّن الباء في المقصد الأوّل المعوّض الحاصل، ويجوز دخولها عليه في بعض المواضع في الثالث والرابع على ما ظهر من التفصيل.
ثم قد يمكن ردّ ما ذكر من أمثلة الباء في الوجه الثاني إلى الوجه الثالث بحذف المفعول الأول، كأنه قال في بيت امرىء القيس: سنبدل محلك من نفوسنا إن أبدلت موضعنا من نفسك. وكأنه قال في بيت معن بن أوس:
وبدَّلَ سُوءاً بالذي كان يَفْعَلُ
ومما يحتمل التنزيل على الوجهين الأول والثاني قوله تعالى:{فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ}. قال الزمخشري: أي وضعوا مكان "حطة" قولا غيرها. فأشار معنى الوجه الثاني. كما قال تعالى:{وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ}. وقال الغزنوي:"قولا" مفعول ثانٍ، أو قالوا قولا. فأرشد بجعله مفعولا ثانيا إلى كونه داخلا في الوجه الأولّ، بحذف أول المفعولين اختصاراً. ويكون هذا الثاني على