الثاني عنده، و"غير" هو الأول، فإنه مأخذ بعيد. وقد مرّ من كلام غيره فيها ما هو جلّي ظاهر. وهكذا طريقته في تقدير الآية:{يُبدِّلُ الله يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} أي بسيئاتهم، فإنه مع كونه على مخالفة مقتضى الآية الأخرى:{يوْم تُبدَّلُ الأرْضُ} مخالف لكلام الأئمة واستعمالهم، ودعوى وضع الشيء غير موضعه.
فليتأمل أيضا عدم استبعاده في إبدال الحروف بعضها من بعض أن يكون الأصل: أبدلتك هذا الحرف بهذا الحرف، وإنه لبعيد. والذي لا يبعد في ذلك الغرض أن يقدر أبدلت الكلمة هذا الحرف في هذا الآخر، لأن الكلمة هي محل التعاقب، وهذا الوجه الذي أشار إليه هو الذي طرقت احتماله إلى ما جاء من بدّل أو أبدل مع الباء داخلة على العوض الذاهب في الوجه الثاني كما سبق.
وهنا انتهى القول في المسألة، والحمد لله وحده.
[رجع السيوطي إلى حديث سؤال القبر]
قوله (فذكر لنا أنه يُفسحُ له في قبره سبعون ذراعاً)
قلت: كذا في الرواية "سبعون" بالواو، على أنه النائب عن الفاعل. قال الشيخ بهاء الدين في التعليقة:"إذا اجتمع فضلات وليس فيها مفعول مُسَرَّح، اختلف النحاة فيها، فمنهم من قال: يجوز إقامة أيها شئت على السواء، ومنهم من قال برجحان بعضها. ثم اختلفوا؛ فقال المغاربة وبعض المشارقة المصدر المختص أرجح، وعللوه بأن الفعل وصل إليه بنفسه، ولا كذلك المفعول المقيد". وقال ابن معط: "المفعول المقيد أولى ثم بعده المصدر. ثم لم يتعرضوا لما بعد ذلك. والذي ظهر لي أن الأولى إقامة المفعول المقيد، ثم ظرف المكان، ثم ظرف الزمان، ثم المصدر المختص. وذلك المفعول المقيد لا يحتاج إلى مجاز في كونه