قال: سيبويه لم يمنع إلغاء الظرف، بل يصح أن يكون خبرًا على اختيار سيبويه، ويكون (كفوًا) حالاً من النكرة وهو (أحد) لتقدمه عليها، فلا يبقى للمبرد على سيبويه أدنى حجة، ووافقه على ذلك ابن عطية وأبو البقاء.
وقال الزمخشري أيضًا في الجواب عن سيبويه: الكلام العربي الفصيح يقتضي أن الظرف الذي هو لغو لا يكون إلاّ مؤخرًا، ولم يأت الظرف هنا لغوًا، وإنما سيق لنفي المكافأة عن ذات البارئ سبحانه، وهذا المعنى محطّه ومركزه هذا الظرف، فكان لذلك أهم شيء وأعناه بالتقديم، وأحقه وأحراه.
قال أبو حيان: ويرتفع هذا السؤال من أصله، بأن الظرف المتقدم على النكرة إنما يختار أن يكون خبرًا إذا صلح لذلك نحو: ليس فيها أحد خير منك، لأن (فيها) يصلح أن يكون خبرًا على حدة، لأنه تام، و (له) لا يصلح أن يكون خبرًا لكان، بل هو متعلق "بكفوًا" أو تقدم على "كفوًا" للاهتمام به، لأنه فيه ضمير البارئ تعالى، فالمجرور هنا ناقص لا يصلح أن يكون خبرًا لكان، قال وعلى هذا يبطل سؤال المبرد، وإعراب مكي وابن عطية، وسؤال الزمخشري وجوابه، ويصح كلام سيبويه لأنه إنما اختار الخبرية مع التقدم في الظرف التام لأنه مثل بقوله: ما كان فيها أحد خيرًا منك، إذا جعلت (فيها) مستقرًا، ولم يجعل على حدّ قولك: فيها زيد قائم، أجريت الصفة ونصبت. فتقول: ما كان فيها أحد خيرًا منك، لأنّك إذا أردت الإلغاء كان التأخير أحسن، وإذا أردت أن يكون مستقرًا كان تقديمه أحسن، والتقديم والتأخير، والإلغاء والاستقرار عزيز جيد كثير، قال الله تعالى:(ولم يكن له كُفُوًا أحدٌ) انتهى.
قوله:(واحدًا واحدًا) قال القرطبي: الأحد والواحد وإن رجعا إلى أصل واحد لغةً، فقد افترقا استعمالاً وعرفًا، وذلك أنّ الهمزة من (أحد) منقلبة عن الواو من (وحد) كما قال النابغة: