سماع. لأن السبب المانع من اقتران الخبر بأنْ في باب المقاربة هو دلالة الفعل على الشروع نحو طفق وجعل، فإنّ (أنْ) تقتضي الاستقبال، وفعل الشروع يقتضي الحال، فتنافيا، وما لا يدل على الشروع كعسى وأوشك وقرب وكاد، فمقتضاه مستقبل، فاقتران خبره بأنْ يؤكده، فإنها تقتضي الاستقبال، وذلك مطلوب، ومانعه مغلوب.
فإذا انضم إلى هذا التعليل استعمال فصيح، ونقل صحيح كما في الحديث المذكور، وفي قول أنس:(ما كدنا أن نصلَ إلى رحالنا)، وقول بعض الصحابة:(والبرمة بين الأثافي قد كادت أن تنضج)، وقول جبير بن مطعم:(كاد قلبي أن يطير)، تأكد الدليل ولم يوجد إلى مخالفته سبيل.
وقد اجتمع الوجهان في قول عمر:(ما كدت أن أصلي العصر ..) أي (حتى كادت الشمسُ تغربُ) وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (كاد الحسب يغلب القدر، وكاد الفقرُ أن يكون كفرًا)، ومن الشواهد الشعرية في هذه المسألة قول الشاعر:
أبيتم قبول السلم منا فكدتم ... لدى الحرب أن تغنوا السيوف عن السَّلِّ
وهذا الاستعمال مع كونه في شعر ليس بضرورة، ليتمكن مستعمله من أن يقول: لدى الحرب تغنون السيوف عن السل.
وأنشد سيبويه:
فلم أرَ مثليها خُباسةَ واحدٍ ... ونهنهتُ نفسي بعد ما كدتُ أَفْعَلهْ