وهو عند الخليل هاء التنبيه ركب معها لُمَّ، أمر من قولك: لمَّ الله شعثه، أي جمع نفسك إلينا في اللازم، واجمع غيرك في المتعدي، فلما غير معناه عند التركيب لأنه جاء بمعنى أقبل أو احضر بعدما كان بمعنى اجمع، صار كسائر أسماء الأفعال المنقولة عن أصلها، فلم يتصرف فيه أهل الحجاز مع أن أصلها التصرف، لنقله عند التركيب قال تعالى:(هلم شهداءكم) ولم يقل هلموا.
وقال الكوفيون: أصله أمّ وهلا، كلمة استعجال، فغيّر إلى هل لتخفيف التركيب، ونقل ضمة الهمزة إلى اللام، وحذفت كما هو القياس في نحو قد أفلح، إلا أنه ألزم هذا التخفيف لثقل التركيب.
وبنو تميم يصرفونه نظرًا إلى أصله - وليست بالفصيحة - فيقولون هلمّ هلمّا هلمّوا هلمّي هلممنَ، وقد يقال: هلمّ لك مبينًا باللا/ إجراء له - وإن لم يكن في الأصل مصدرًا - مجرى أخواته من أسماء الأفعال التي تبيّن بحرف الجر، نظرًا إلى أصلها الذي هو المصدر، نحو قوله تعالى:(هيهات هيهات لما توعدون)[المؤمنون: ٣٦]، أي بعدًا.
وفي "البسيط": في تركيب هلمّ مذهبان: مذهب أهل البصرة أنها مركبة من ها التي للتنبيه ولمّ من لمّ الله شعثه أي أصلح وجمع ما تفرق من أموره، ومعناها: لمّ نفسك إلينا، أي قربها إلينا، وحذفت الألف إما لأن الأصل في اللام السكون قبل الإدغام، لأن أصل الفعل المم، فنقلت حركة الميم إلى اللام، وحذفت الهمزة، وأدغمت الميم في الميم، وإما أنّه غير بالنقل من الفعل إلى جعله اسمًا للفعل غير بالحرف إشعارًا بأنه حذف لأجل التركيب طلبًا للتخفيف.
ومذهب أهل الكوفة أنها مركبة من (هلّ) التي هي: زجر وأمّ أي اقصد، ومعناها عجل ما قصدت، فنقلت ضمة الهمزة إلى اللام، وقد قلت ومن قدح في قولهم أن الاستفهام لا معنى له هنا فوهم، لأن (هل)) ليست للاستفهام وإنما حركة آخرها لالتقاء