قال: لا ترجعوا بعدي كفارًا تسلموا وتوادوا، كان الجزم مستقيمًا، لأن التقدير: إن لا ترجعوا كفارًا تسلموا، ونظير ذلك قوله: لا تَدْنُ من الأسد تنج أي إن لا تدن، فجعل التباعد منه ليس سببًا في السلامة، فإن قلت: فلم لا يقدر، إن تدن، بغير (لا) قيل: ينبغي أن يكون المقدر من جنس الملفوظ به، وقد ذهب قوم إلى جواز الجزم هنا على هذا التقدير، وعليه يجوز الجزم في هذا الحديث. قيل ليس المراد من هذا الحديث النهي عن الكفر بل النهي عن الاختلاف المؤدي إلى القتل، فعلى هذا يكون يضرب: مرفوعًا، ويكون تفسيرًا للكفر المراد بالحديث، انتهى.
وقال الكرماني: يضرب مرفوع على أنه جملة مستأنفة مبينة بقوله: لا ترجعوا، أو وصف كاشف، إذا الغالب من الكفار ذلك، وكونه مجزومًا بإن جواب النهي ظاهر على مذهب من يجوز: لا تكفر تدخل النار، ورجع هنا مستعمل استعمال صار معنًى وعملاً أي لا تصيروا بعدي كفارًا.
وقال ابن مالك في توضيحه: مما خفي على أكثر النحويين استعمال رجع كصار معنى وعملا، ومنه الحديث: لا ترجعوا بعدي كفارًا، أي لا تصيروا، وقول الشاعر:
قد يرجع المرء بعد المقت ذا مِقَةٍ ... بالحِلْم فادْرا به بغضاء ذي إحَنِ
ويجوز في ضرب: الرفع والجزم. انتهى.
وقال مُغْلَطاي: من جزم أول على الكفر، ومن رفع لا يجعله متعلقًا بما قبله بل حالاً أو مستأنفًا.
وقال القاضي عياض: الرواية: يضربُ، بالرفع، كذا رواه المتقدمون