قال القرطبي: الباء في (برأسه) للتعدية التي يجوز حذفها وإثباتها كقولك: مسح برأس اليتيم ومسح رأسَه، وسميت النبي بمحمد، ومحمدًا، ولا يصح أن تكون للتبعيض خلافًا للشافعي، لأن المحققين من أئمة النحو البصريين، وأكثر الكوفيين أنكروا ذلك، ولأنها لو كانت للتبعيض لكان قولك: مسحت رأسه، كقولك: مسحت بعض رأسه، ولو كان كذلك لما حسُنَ أن يقول: مسحت ببعض رأسه ولا برأسه بعضه، لأنه كان يكون تكريرًا، ولا مسحت رأسه كله، لأنه كان يكون مناقضًا له، ولو كانت للتبعيض لما جاز إسقاطها، فإنه يقال: مسحت برأسه، ومسحت رأسه، بمعنى واحد. انتهى.
وقال النووي في شرح المهذب: نقل أصحابنا عن بعض أهل العربية أن الباء في (وامسحوا برءوسكم)[المائدة: ٦] للتبعيض.
وقال جماعة منهم: إذا دخلت الباء على فعل يتعدى بنفسه كانت للتبعيض كقوله تعالى: (وامسحوا برءوسكم)، فإن لم يتعدّ فللإلصاق كقوله تعالى:(وليَطَّوَّفوا بالبيت العتيق)[الحج: ٢٩].
وقال ابن الخباز في "شرح الدرة": الباء تزاد مع المنصوب كقوله تعالى: (وامسحوا برءوسكم). وقال بعض الفقهاء هي للتبعيض وهو غير معروف.
وقال الفارسي في "التذكرة": الباء في (وامسحوا برءوسكم) معناها الإلصاق.
وقول بعض النحويين إنها للتبعيض له وجه، وذلك أنه رأى هذه التي تستعمل كالقلم والقدّوم ونحوها إنما العمل في هذه الأسماء ببعضها لا بجميعها فقال: الباء للتبعيض.