وروي بالنصب على أنه خبر كان، وتعقب بأنه يلزم منه أن يكون خبرها اسمها. وأجيب بجعل اسم كان ضمير النبي، وأجود: خبرها، ولا يضاف إلى (ما) بل تجعل (ما) مصدرية نائبة عن ظرف الزمان، والتقدير: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة كونه في رمضان أجود منه في غيره.
وقال ابن الحاجب في "أماليه": الرفع في (أجود) الثاني هو الوجه، لأنك إن جعلت في (كان) ضميرًا يعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن (أجود) بمجرده خبرًا، لأنه مضاف إلى (ما يكون)، فهو كون، ولا يستقيم الخبر بالكون عما ليس بكون، ألا ترى أنك لا تقول: زيد أجود ما يكون. فيجوز أن يكون إما مبتدأ خبره قوله:(في رمضان) من قولهم: أخطب ما يكون الأمير قائمًا.
وإن نصبت جعلت (في رمضان) هو الخبر كقولهم: جرى في الدار، لأن المعنى الكون الذي هو أجود الأكوان حاصل في هذا الوقت، فلا يتعين أن يكون من باب: أخطب ما يكون الأمير قائمًا. انتهى.
وقال النووي: الرفع أشهر، والنصب جائز، وذكر أنه سأل شيخه ابن مالك، فخرج الرفع من ثلاثة أوجه، والنصب من وجهين، ثم وقفت على كلام ابن مالك في ذلك فقال:(أجود) المسؤول عنه في رفعه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون اسم كان مضافًا إلى (ما) المصدرية الموصولة بـ (يكون)، وتكون هنا تامة رافعة فاعل مستكنّ عائد على رسول الله صلى الله عليه وسلم. و (في رمضان) خبر كان، والتقدير: وكان أجود كون رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان. وفي هذا إيجاز بليغ تستعمل العرب أمثاله كثيرًا عند قصد المبالغة، وذلك أن (أجود) أفعل التفضيل مضاف إلى الكون، فهو إذن كون، لأن أفعل التفضيل لا يضاف إلاّ إلى ما هو بعضه، ويلزم كونه يكون أكوانه صلى الله عليه وسلم كلها متصفة بالجود، وأجودها كونه رمضان، كما لزم ذلك في قول بعض العرب: أخطب ما يكون الأمير قائمًا. وهو من باب وصف المعاني بما يوصف به الأعيان كقولهم: شِعرٌ شاعرٌ، وجهادٌ جاهدٌ، وموتٌ مائتٌ، وآيةٌ مبصرةٌ،