وقال غير أبي حنيفة: البعل ما شرب بعروقه من الأرض من غير سقي أو غيره. وهذا أشبه بالحديث من قول أبي حنيفة، لأنه سمّى ما تسقيه السماء بعلاً وفرّق بينهما. فهذا ما حضرني من الجواب عمّا سألت عنه.
وقال ابن السيد: فاعترض هذا السائل في هذا الجواب. فقال: وقفت أعزّك الله على ما ذكرت في أمر البعل، وظهر لي شيء أورده عليك لا على جهة التعنيت والاعتراض، حاشاك الله من ذلك، وتلك سجيّة لم تعرف من خلقي مع من دون الألفاء فكيف مع الجملة من المشيوخاء، وذلك خرجه البخاري، وأنت تعلم أن مثل هذا لا يلزم مني؛ لأنّا إن فعلنا ذلك تناقضت ألفاظ الحديث، وتناقضُ كلام أهل اللغة أولى من تناقضها، والدليل على ما أقوله ما روي عن عمرو بن هرمز عن محمد بن عبد الرحمن أن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب عمر في الصدقة (.. ما كان عَثَرِيًّا يسقيه السماء والأنهار وما كان يسقى من بعل ففيه العشر) فجاء لفظ الحديث كما ترى في (العَثَري) وفصل بينه وبين البعل في الصفة لا في الحكم.
وهذا هو الوجه لا محالة لأن لفظ حديث الموطأ يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:(في ما سقت السماءُ والعيون والبعْل العشر) فكونهما نوعين أولى إن شاء الله.
وروى ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أنه قال:(ما كان بعلاً أو سقي بالعين أو كان عَثَرِيًّا يسقى بالمطر ففيه العُشْر) وهذا كالأول، فلا وجه مع هذا لكلام أبي حنيفة في جعله الألفاظ الثلاثة بمعنى واحد، أعني: البعل والعِذْي والعَثَرِيّ، لأن التفسير – على علمك – إذا ورد في الحديث، فلا معنى للاشتغال بغيره إلا أن يجيء الخَلَف بزيادة.
وقلت بعقب ذلك - أعزك الله – أنك لا تحفظ في ذلك خلافًا، فهذا الذي حملني على ما ذكرته متعدّيًا ذلك الفضل في أن تقذف عليه قناع الستر فإن خجل من هذا.
وأما بيت الأنصاري فإن أبا حنيفة استشهد به على لفظ السّقي، وذكره أبو عبيدة في