وزعم ابن مالك إلى أنه اسم فعل وهو فاسد لإضافته، ويضاف إلى الظاهر نحو: لبى زيد، سعدى زيد، وإلى ضمير الغائب، قالوا: لبيه، ودعوى الشذوذ فيهما باطلة. والناصب في لبيك من غير لفظه، أي: أجب إجابتك. وكأنه من ألب بالمكان، إذا أقام به. وأما (سعديك) فلا يستعمل وحده بل تابعًا للبيك، ويجوز استعمال (حنانيك) وحده، والتقدير: سعد إسعادًا لأمرك. وأما (حنانيك) فالتقدير: تحنن حنانيك، أي تحنن بعد. والناصب في هذين من لفظهما، بخلاف (لبيك). والجمهور على أن هذه تثنية يراد بها التكثير، ومزاولة الفعل لا شفع الواحد. وذهب بعض النحاة إلى أنها تثنية تشفع الواحد. والكاف في (لبيك) و (سعديك) و (حنانيك) الواقع موقع الفعل.
وقال الرضي: أصل (لبيك) ألبّ لك إلْبابين، أي: أقيم لخدمتك وامتثال أمرك، ولا أبرح عن مكاني، كالمقيم في الموضع، والتثنية للتكرير كما في قوله تعالى:(ثم ارجع البصر كرّتين)[الملك: ٤]، والمعنى إلْبابًا كثيرًا متتاليًا، فحذف الفعل، وأقيم المصدر مقامه، وحذف زوائده، ورد إلى الثلاثي، ثم حذف حرف الجر من المفعول، وأضيف المصدر إليه، كل ذلك ليفرغ المجيب بالسرعة من التلبية، فيتفرغ الإسماع حتى تمتثله. ويجوز أن يكون من لبّ بالمكان، بمعنى ألب، فلا يكون محذوف الزوائد. وأما قولهم: لبى يلبي، فهو مشتق من (لبيك) لأن معنى لبى: قال: لبيك – كما أن معنى سبّح، قال: سبحان الله، وسلّم وبَسْمَل، قال: سلام عليك، وبسم الله. و (سعديك) مثل (لبيك) أي: أسعدك، أي: أعينك إسعادين –إلا أن أسعد يتعدى بنفسه بخلاف ألبّ.
وقال ابن يعيش في "شرح المفصل": وأما (لبيك) و (سعديك) فهما مثنيان ولا يفرد منهما شيء، ولا يستعملان إلا مضافين لما فيهما من إرادة معنى التكثير، فكل ما تضمن لفظ التثنية ما ليس له في الأصل من معنى التكثير لزم طريقة واحدة لينبئ عن ذلك المعنى فلبيك