للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فهو هَنِيءٌ. وهنيء اسم الفاعل من هَنُؤَ، كظريف من ظَرُفَ. ويحتمل أن يجعل معدولاً عن هانئ من قولك: هنأ يهنأ فهو هانئ هنيئًا حال وقعت موقع الفعل بدلاً من اللفظ كما وقع المصدر في قولهم: سَقْيًا له ورَعْيًا بدلاً من اللفظ بسقاه الله ورعاه، فلا يجوز ظهور الفعل معه، لأنه قائم مقامه، فصار عوضًا منه، [وهذا عند أبي علي حال. وأما الأول فهو كما عدل رحيم وعليم من راحم وعالم] فقوله: (هنيئًا) لا تعلق له بأشرب من قولهم: اشرب هنيئًا، لأنه وقع موقع ليهنك أو هناك أو هنؤ. التقدير: ليهنك شربك، أو هناك شربك، أو هنؤ شربك.

قال: ويدل على كونه بدلاً من الفعل كما قبلهما على الموضع الواحد كقوله:

"أظْفَرَهُ الله فَلْيَهْنَا له الظَّفَرُ".

فهذا بمنزلة: فهنيئًا له الظفر. وقوله تعالى: (كلوا واشربوا هنيئًا) حيث أجري بلفظ الإفراد على الجمع، فقال: (هنيئًا)، ولم يقل: هنيئين، فأفرد بعد لفظ الجمع، لأن (هنيئًا) ناب عن الفعل فصار بدلاً من اللفظ به، والفعل لا يجمع، فكذلك ما ناب عنه، قال: وإذا ثبت أن (هنيئًا) بدل من هنؤ أو هناك أو ليهنأك، لم يكن حالاً من المضمر في (اشرب)، كما أن الفعل الذي هو بدل عنه لا يكون كذلك.

قال: ووجه كون (هنيئًا) بدلاً من الفعل من جهة القياس أن الحال مشبهة للظرف من حيث كان مفعولاً فيها، كما أن الظرف مفعول فيه، فمن حيث وقعت الظروف في الأمر العام، وغيره بدلاً من الفعل في قولهم: إليك ووراءك وعليك زيدًا، ودونك عَمْرًا.

وقال أبو حيان في "الارتشاف": قال سيبويه: هنيئًا مريئًا، صفتان نصبوهما نصب

<<  <  ج: ص:  >  >>