أو أنه مؤول على إقامة السبب مقام المسبب لاشتهار السبب، أي: فقد استحق الثواب العظيم المستقر للمهاجرين.
وفيه وضع الظاهر موضع المضمر، فإن الأصل: فهجرته إليهما، وفيه وجهان: أحدهما: قصد (الالتذاذ) بذكره، ولهذا لم يعد في الجملة الثانية وهو قوله:(ومن كانت هجرته إلى دنيا) إعراضًا عن تكرير لفظ (الدنيا).
وثانيهما: عدل عن ذلك لئلا يجمع بينهما في ضمير واحد.
وقال زين العرب: الفاء في قوله: (فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله)، أي: من قصد بالهجرة القربة إلى الله تعالى لا يخلطها بشيء من أعراض الدنيا فهجرته إلى الله ورسوله، قيل: فهجرته مقبولة عندهما، وأجره واقع على الله تعالى.
فإن قلت: الشرط سبب للجزاء، والسبب غير المسبب وقد اتّحدا هنا.
قلت: الخبر في الجزاء محذوف، كما مرّ آنفًا من أن التقدير:(مقبولة) ونحو ذلك. وفيه نظر إذ لا دلالة على الخبر المحذوف، والأولى في الجواب ما قال الفاضل ابن مالك وساق كلامه المتقدم ثم قال: واعلم أن (إلى الله) في الشرط يجوز كونه خبر كان، ويجوز تعلقه بهجرته، فـ"كان" حينئذ تامة. فأما الجزاء فإلى الله، لا يتعلق بهجرته.
قوله:(ومن كانت هجرته إلى دنيا).
قال التميمي في "شرح البخاري": هي تأنيث الأدنى ليس بمنصرف، لاجتماع الوصفية ولزوم حرف التأنيث.
وقال ابن مالك في "التوضيح": (دنيا) في الأصل مؤنث أدنى، وأدنى أفعل