وقال المظهري: إذا جعل (يدخلني) جواب الأمر، يبقى (بعمل) غير موصوف، والنكرة غير الموصوفة لا تفيد. والجواب أن التنكير فيه للتفخيم أو النوع، أي: بعمل عظيم أو معتبر في الشرع، بقرينة قوله:(سألتني عن عظيم)، ولأن مثل معاذ رضي الله عنه لا يسأل من مثله صلى الله عليه وسلم، بما لا جدوى له، واعلم أن في هذا مذهبين:
أحدهما: مذهب الخليل وهو أن يجعل الأمر بمعنى الشرط وجواب الأمر جزاء.
وثانيهما: مذهب سيبويه أن الجواب جزاء الشرط محذوف وعلى التقدير التركيب من باب إقامة السبب الذي هو الإخبار مقام المسبب الذي هو (العمل)، لأن العامل هو المسبب ظاهرًا لا الإخبار، لأن الإخبار إنّما يكون سببًا للعمل إذا كان المخاطب مؤمنًا معتقدًا موافقًا كقوله تعالى:(قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة)[إبراهيم: ٣١].
قال ابن الحاجب:(يقيموا) جواب (قل)، أي: قل لعبادي يقيمون (الصلاة)، وما اعترض عليه من أن الإقامة ليست بلازمة لقوله: ليست بشيء، فإن الجواب لا يقتضي الملازمة العقلية، وإنما يقتضي الغلبة، وذلك حاصل، فإن أمر الشارع صلوات الله عليه وسلامه للمؤمن بإقامة الصلاة يقتضي إقامة الصلاة منه غالبًا.
قوله:(قال: لقد سألت عن عظيم).
قال المظهري: أي: عن شيء عظيم، مشكل متعسر الجواب، لأن معرفة العمل الذي يدخله الجنة من علم الغيب، وعلم الغيب لا يعلمه إلا الله. قال الطيبي: ذهب إلى أنّ (عظيم صفة موصوف محذوف، أي: عن سؤال عظيم، والأظهر أن يقال: إنّ الموصوف أمر، ويعني به العمل، لأن قوله: تعبد الله .. إلى آخره، استئناف وقع بيانًا لذلك الأمر.