فأما التي يرتجى خيرُها ... فأجودُ جودًا من اللافِظَهْ
وأما التي يتقى شرُّها ... فنفسُ العدوِّ بها غائظَهْ
فنصب (جودًا) بأجود على التمييز، وذلك موجبٌ لكونه فاعلاً معنى؛ لأن كل منصوب على التمييز بأفعل التفضيل فاعل في المعنى، ونصبه علامة على فاعليته، وجرّه علامة على أنَّ أفعل بعض منه؛ ولهذا إذا قلت: زيد أحسن عبدًا، كان معناه: الإعلام بأن عبده فاق عبيد غيره في الحسن. وإذا قلت: أحسن عبدٍ – بالجر – كان معناه: الإعلام بأن زيدًا بعض العبيد الحسان، وأنه أحسنهم.
وإذا ثبت ذلك فحمل الحديث على هذا المعنى يوجب أن يكون تقديره:(خوفُ غير الدجال أخوف خوفي عليكم)، ثم حذف المضاف إلى (غير)، وأقيم هو مقام المحذوف، وحذف (خوف) المضاف إلى الياء، وأقيمت هي مقامه، فاتصل أخوف بالياء معمودة بالنون على ما تقرر.
ويحتمل أن يكون (أخوف) فعلاً مسندًا إلى واو، وهو ضمير عائد على غير الدجال؛ لأن من جملة ما يتناوله غير الدجال (الأئمة المضلون)، وهم ممن يعقل، فغلب جانبهم، فجيء بالواو، ثم اجتزئ (بالضمة)، وحذفت الواو، كما قال الشاعر:
فيا ليت الأطبَّا كانُ حَوْلي ... وكان مع الأطباءِ الأُساةُ