ومن الاكتفاء بالمعنى قوله صلى الله عليه وسلم:(أربعين يوماً) حين قيل له: ما لبثه في الأرض؟ فأضمر (يلبث) ونصب به (أربعين)، ولو قصد تكميل المطابقة لقيل:(أربعون يوما)، بالرفع لأن الاسم المستفهم به في موضع رفع.
وفي الحديث أن بعض الصحابة سئل كم اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربع. كذا وقع في بعض نسخ الصحيح برفع أربع، وفي بعضها بالنصب، والرفع والنصب في (أربع) بعد السؤال عن الاعتمار جائزان، إلا أن النصب أقيس وأكثر نظائر. ويجوز أن يكون كُتِب على لغة ربيعة، وهو منصوب في اللفظ، ويجوز أن يكون المكتوب بلا ألف منصوبًا غير منون، على نية الاضافة، كأنه قال: أربع عُمَر، فحذف المضاف إليه، وترك المضاف على ما كان عليه من حذف التنوين، ليستدل بذلك على قصد الإضافة. وله نظائر منها قراءة ابن محيصن (لا خوفُ عليهم)[يونس: ٦٢] بضم الفاء دون تنوين، على تقدير: لا خوف شيء. وروى بعض الثقات من قول العرب: سلامُ عليكم، بضم الميم دون تنوين. ومنها على أصح المذهبين قول الشاعر:
أقول لما جاءني فخره ... سبحان من علقمة الفاخر
أراد:(سبحان الله)، فحذف المضاف إليه، وترك المضاف على ما كان عليه.
قوله:(فتتبعُه كنوزُها كيعاسيبِ النحل).
قال الأشرفي: قوله: (كيعاسيب) حال من الدجال، ويمكن أن يكون حالاً من الكنوز، أي: كائنة كاليعاسيب، وهو كناية عن سرعة اتباعه، أي: تتبعه الكنوز بالسرعة.