قال أبو البقاء:(أبلغ) يجوز أن يفتح ويكون في موضع جر صفة لـ (سلاح) على اللفظ، وأن يرفع صفة له على الموضع لأن (من) زائدة ومثله قوله تعالى: (ما لكم من إله غيره)[الأعراف: ٥٩ - ٦٥ - ٧٣ - ٨٥] يقرأ بالرفع والجر. وأما قوله:(إلا المتزوجون) هكذا وقع في هذه الرواية بالرفع، والأشبه أن يكون منصوبًا لأنه استثناء من غير نفي. ووجه الرفع أن يكون على الاستئناف والاستثناء المنقطع، أي: لكن المتزوجون مطهرون.
وقال ابن مالك في "توضيحه": حق المستثنى بإلا من كلام تام موجب أن ينصب مفردًا كان أو مكملاً معناه بما بعده.
فالمفرد نحو:(الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)[الزخرف: ٦٧]، والمكمل معناه بما بعده (إنا لمنجوهم أجمعين * إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين} [الحجر: ٥٩ - ٦٠]. ولا يعرف أكثر المتأخرين من البصريين في هذا النوع إلا النصب، وقد أغفلوا وروده مرفوعًا بالابتداء ثابتَ الخبر ومحذوفه، فمن الثابت الخبر قول عبد الله بن قتادة: (أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم)، فإلاّ بمعنى (لكنْ) و (أبو قتادة) مبتدأ، و (لم يحرم) خبره. ونظيره من كتاب الله تعالى قراءة ابن كثير وأبى عمرو:(ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتُك إنه مصيبها ما أصابهم)[هود: ٨١] و (امرأتك) مبتدأ، والجملة بعده خبره، ولا يصح أن تجعل (امرأتك) بدلاً من (أحد)، لأنها لم تَسْرِ معه، فيتضمنها ضمير المخاطبين، ودل على أنها لم تسر معه قراءة النصب، فإنها أخرجتها من أهله الذين أمر أن يسري بهم. فإذا لم تكن في الذين سُرِيَ بهم لم يصح أن تبدل من فاعل (يلتفت) لأنه بعض ما دل عليه الضمير المجرور بمن. وتكلف بعض النحويين الإجابة عن هذا بأن قال: لم يسر بها ولكنها شعرت بالعذاب