قال المظهري: وفيه نظر؛ لأن المعنى لا يساعد عليه، فإن سمعني وسمع مني يقتضيان كلامًا أو قولاً من جانب الرسول، وليس المعنى عليه.
قال صاحب الكشاف في قوله تعالى:(سمعنا مناديًا ينادي للإيمان)[آل عمران: ١٩٣]، تقول: سمعت رجلاً يقول كذا، وسمعت زيداً يتكلم. فتوقع الفعل على الرجل، وتحذف المسموع، لأنك وصفته بما يسمع، أو جعلته حالاً عنه، فأغناك عن ذكره، ولولا الوصف أو الحال لم يكن منه بدّ، والأظهر أن يضمن (يسمع) معنى أخبر، فيعدى بالباء، كقوله تعالى:(ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين)[القصص: ٣٦]، أي: ما أخبرنا سماعًا، وهو آكد. لأن الإخبار أعم من أن يكون سماعًا أو غير سماع، فالمعنى: ما أخبر برسالتي أو ببعثتي أحد ولم يؤمن، إلا كان من أصحاب النار.
و (أحد) إذا استعمل في النفي يكون لاستغراق جنس العقلاء، ويتناول القليل والكثير، والذكر والأنثى،
كقوله تعالى:(فما منكم من أحد عنه حاجزين)[الحاقة: ٤٧] و (لستن كأحد من النساء)[الأحزاب: ٣٢] وتقول:
مافي الدار أحد، لا واحد، ولا اثنان فصاعدًا لا مجتمعين ولا متفرقين.
وقوله:(من هذه الأمة) صفة (أحد) و (يهودي) إما بيان، أو بدل من (أحد). و (من) في (من هذه الأمة) إما للبيان، أو للتبعيض، وعلى التقديرين هو مرفوع المحل، فعلى أن يكون للتبعيض معناه: لا يسمع بي أحد وهو بعض هذه الأمة يهودي، والإشارة بهذه إلى ما في الذهن، و (الأمة) بيان له، و (الأمة) حينئذ أمة الدعوة. وعلى أن يكون للبيان: فلفظة (هذه) تكون إشارة إلى أمة اليهود والنصارى