الحديث بذكر الأوصاف، ازداد الشوق إلى المحدث عنه بها، كما هو في الحديث الكريم، حيث قال:(كلمتان خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، حبيبتان إلى الرحمن). فإن النفس كثر شوقها بذلك إلى سماع المحدَّث عنه بها، فلم يجئ (سبحان وبحمده سبحان الله العظيم)، إلا والنفس في غاية الشوق إلى سماعه، فهو مثل قوله:
ثلاثة تشرق الدنيا ببهجتها ... شمس الضحى وأبو إسحاق والقمر
وهذا ما ذكره السلف الذين أعربوا (سبحان الله) مبتدأ، ولم يرتضِ من وجّه سمعَه من أهل عصرنا بمثل ما أسمعتك، وأستغفر الله من شغلي سمعك بمثله، ولولا ما فيه من كون محط الفائدة فيه يكون باعتبار الوصف الخبر كما أسلفته في الجواب، لكان أولى من جعل (كلمتان) مبتدأ. وعسى أن يكون رجوعي عنه أولى لأن مراعاة مثل هذه النكتة البلاغية هو الظاهر من تقديم الخبر حينئذ، فلا يعدل عنه بعد ظهور بطلان انحصار محطّ الفائدة في (سبحان الله) [وبهذا تم ما يتعلق بالحديث. بقي أنه وقع في نفي كون (سبحان الله)] إذا أريد لفظه معرفة، لأن المعارف أنواعها محصورة، وليس هو منها، كما هو مسطور في أصل جوابي، فارجع إليه.
ثم قلت: فإن ادعى أنه يكون من قبيل العلم بناء على أن كل لفظ وضع ليدل على نفسه، كما وضع ليدل على غيره، فليعلم أنه على تقدير صحة هذه الدعوى، لم يعط بهذا الوضع حكم الوضع لغيره. وكذا صرح بأنه لا يصيّر كل لفظ مشتركًا، وهو لازم من وضع كل لفظ ليدل على نفسه، ووضع ليدل على غيره، فاعترض ذلك الأخ عليه بأنه من قبيل العلم.