كما إذا قلت: كأن زيدا قائم، وتصور له حالات القعود والانتصاب والقيام، فتشبه حالة الانتصاب بالقيام، لأنك بإدخال (كأن) توهم أن له حالة غير القيام، كما إذا رأى الناظر شخصًا من بعيد مترددًا بين قيامه وقعوده، ثم خيل له أنه إلى القيام أقرب فقال: كأنه قائم، أي شبه انتصابه بالقيام. كذلك في الحديث: للعبد بين يدي مولاه حالات ثلاث إحداها: حالة اشتغاله بالعبادة على سنن يسقط القضاء، من حفظ شرائطها وأركانها وهيئاتها. وحالة تمكنه من الإخلاص في القصد، وأنه بمرأى من مولاه، وهو مراقب لحركاته وسكناته، وحالة مشاهدته واستغراقه في بحار المكاشفة، وإليه لمح قوله صلى الله عليه وسلم:(وجعلت قرة عيني في الصلاة) و (أرحنا بها يا بلال)، فشبه الحالة الثانية التي هي المراقبة بحال المكاشفة التي هي من خواص سيد المرسلين في الدنيا، ووجه التشبيه حصول الاستلذاذ بالطاعة، والراحة بالعبادة، وانسداد مسالك الالتفات إلى الغير باستيلاء أنوار الكشف عليه. فقوله: فإن لم تكن تنزل من مقام المكاشفة إلى مقام المراقبة، فينبغى أن يقدر: فاعلم قولي: إنه يراك.
قوله:(متى الساعةُ) مبتدأ وخبر.
قال المظهري:(ما) نافية، بمعنى لست أنا أعلم منك ياجبريل بعلم القيامة.
قال الطيبي: فإن قلت: من حق الظاهر أن يقول: فالمسؤول عنه ليرجع الضمير إلى اللام. قلت: كما يقال: سألت عن زيد المسألة، يقال: سألته عن المسألة، فالضمير المرفوع راجع إلى اللام، والمجرور إلى الساعة.
واعلم أن الضمير في (عنها) راجع إلى الساعة، فلا بد من تقدير مضاف في السؤال والجواب، نحو وقت وأيان.