والثاني: أن الأصل: ما كان يسرني، فحذف "كان" وهو جواب "لو"، وفيه ضمير هو الاسم، و"يسرني" خبر. وحذف "كان " مع اسمها وبقاء خبرها كثير في نثر الكلام ونظمه.
فمن النثر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "المرء مجزيٌّ بعمله، إن خيرًا فخيرٌ وإن شرًّا فشر"، أي: (إن كان عمله خيرًا فجزاؤه خير، وإن كان عمله شرا فجزاؤه شر".
ومن النظم قول الشاعر:
لا تقربن الدهر آل مطرف ... إنْ ظالمًا أبدًا وإنْ مظلوما
أي: إن كنت ظالمًا فيهم، وإن كنت مظلومًا.
وأشبه شيء بحذف "كان" قبل "يسرني"، حذف "جعل" قبل "يجادلنا" في قوله تعالى: (فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى يجادلنا في قوم لوط)[هود: ٧٤]، أي: جعل يجادلنا في قوم لوط، لأن "لمّا" مساوية للَوْ في استحقاق جواب بلفظ الماضي، فلما وقع المضارع في موقع الماضي دعت الحاجة إلى أحد أمرين: إما تأويل المضارع بماض، وإما تقدير ماض قبل المضارع، وهو أولى الوجهين.
الثالث: وقوع "لا" بين " أن " و "يمر" والوجه فيه أن تكون "لا" زائدة، كما في قوله تعالى:(ما منعك ألا تسجد)[الأعراف: ١٢] أي: ما منعك أن تسجد، لأنه امتنع من ثبوت السجود لا من انتفائه.