بما يتفق مع روح الدين، ومقاصد الشريعة وأحكامها الأساسية.
٥ - إن مقاصد الشريعة تعين المجتهد والقاضي والفقيه على الترجيح عند تعارض الأدلة، الكلية أو الجزئية في الفروع والأحكام، وكثيرًا ما يكون التعارض ظاهريًّا بين الأدلة، ويحتاج الباحث إلى معرفة السبل للتوفيق بينها، أو معرفة الوسائل للترجيح، وإن طرق الترجيح في الفقه وأصول الفقه كثيرة، ومنها الترجيح بمقاصد الشريعة.
وهذه الفوائد تحتم على الباحث والعالم والفقيه والمجتهد أن يضع مقاصد الشريعة نصب عينيه لتضيء له الطريق، وتصحح له المسار، وتعينه على الوصول إلى الحق والعدل، والصواب والسداد.
وقد لمس رجال التشريع هذه الأهمية والفوائد، ولجأت السلطات التشريعية في الدول المعاصرة إلى وضع المذكرات التفسيرية للقانون أو للنظام، لتبين للناس عامة المقصد الخاص لكل مادة، ليتمكن شراح القانون والقضاة والمحامون من حسن فهم القانون، وحسن تطبيقه وتنفيذه بما يتفق مع روح التشريع والقصد الذي وضع من أجله.
كما تطلب معظم الأنظمة في العالم من القضاة أن يحكموا بمبادئ العدالة وبما يتفق مع المبادئ العامة عندما يفقدون النص في النظام على أمر ما.
كما أن فقهاء الشريعة الإِسلامية اتفقوا على أن تصرفات الإِمام (الحاكم) منوطة بالمصلحة، أي إن جميع تصرفات الحكام مرتبطة بتحقيق مصالح الناس، فإن خرجت من المصلحة إلى المفسدة كانت باطلة، ويتعرض أصحابها إلى المسؤولية في الدنيا والآخرة (١).
(١) يقول العلامة الشيخ محمَّد الطاهر بن عاشور: "وليس كل مكلف بحاجة إلى معرفة مقاصد الشريعة؛ لأن معرفة مقاصد الشريعة نوع دقيق من أنواع العلم" ثم يقول: =