قد يرد اللفظ مقترنًا بوصف أو شرط أو إشارة ونحوها، فيكون مدلوله مقتصرًا على بعض أنواعه، وهذا هو المقيد، وقد يرد اللفظ مطلقًا في نص، ثم يستعمل في نص آخر مقيدًا، ففي هذه الحالة يدرس العلماء حمل المطلق على المقيد، أو عدم حمله، حسب الحالات والصور، ويترتب على التقييد أحكام، وعلى حمل المطلق على المقيد أو عدم حمله أحكام، وهو موضوع هذا المبحث.
[تعريف المقيد]
المقيد: هو اللفظ الخاص الذي تناول فردًا معينًا بالوضع أو بقيد خارجي يخرجه عن الشيوع.
مثال الأول قوله تعالى:{فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا}[الأحزاب: ٣٧]، فزيد علم يدل على شخص معين.
ومثال الثاني قوله تعالى:{فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}[المجادلة: ٤]، فالآية أوجبت صوم شهرين، ثم قيدتهما بالتتابع بوصف {مُتَتَابِعَيْنِ} وقيدتهما بالوقت {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا}، وهكذا مثل: هذا الرجل، والمرأة العفيفة، والطالب الممتاز، فاللفظ خاص قُيّد بما يقلل شيوعه، لذلك فإن المقيد هو لفظ مطلق لحقه قيد من القيود فأخرجه عن الإطلاق إلى التقييد، وتتفاوت المراتب في تقييد المطلق باعتبار قلة القيود أو كثرتها، فما كثرت قيوده أعلى رتبة مما قلت قيوده.
وقد يجتمع الإطلاق والتقييد في لفظ واحد باعتبارين، فيكون اللفظ مطلقًا من وجه، ومقيدًا من وجه، كقوله تعالى:{رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: ٩٢]، فهي مقيدة من حيث الدِّين بالإيمان، فتتعين المؤمنة للكفارة، وهي مطلقة فيما سوى الإيمان كالذكورة والأنوثة وكمال الخلقة والطول والبياض ..