للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأضافوا: إن دلالة مفهوم الغاية أقوى من مفهوم الصفة، وأقوى من مفهوم الشرط من جهة الدلالة؛ لأن العلماء أجمعوا على التسمية بحروف الغاية، وغاية الشيء نهايته، فلو ثبت الحكم السابق للغاية على ما بعدها لم يُفِدْ تسميتها غاية.

وقال أكثر الحنفية وبعض الفقهاء وبعض المتكلمين بمنع مفهوم الغاية، وأنه لا يدل على الحكم (١)، والراجح القول الأول؛ لاتفاقه مع أسلوب اللغة العربية.

[٤ - مفهوم العدد]

هو دلالة النص الذي قيد فيه الحكم بعدد مخصوص على ثبوت حكم للمسكوت مخالف لحكم المنطوق؛ لانتفاء ذلك القيد (٢).

مثاله: قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [النور: ٤]، فالجلد تقيّد في الآية الأولى بمئة، وفي الثانية بثمانين، فيدل بالمنطوق أن العقوبة مائة في الأولى، وثمانين في الثانية، ويدل بمفهوم المخالفة على أن الزائد عليها لا يجب.

ومثله: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بلغَ الماءُ قُلَّتينِ لم يَحْمل خَبَثًا" وفي رواية: "لم يَنْجُس" (٣)، فيدل بالمنطوق أن الماء الكثير لا ينجس إذا أصابته نجاسة إلا


(١) المستصفى (٢/ ٢٠٨)، المعتمد (١/ ١٥٦)، الإحكام للآمدي (٣/ ٩٢)، تيسير التحرير (١/ ١٠٠)، فواتح الرحموت (١/ ٤٣٢)، المحلي والبناني على جمع الجوامع (١/ ٢٥١)، شرج العضد (٢/ ١٨١)، شرح الكوكب المنير (٣/ ٥٠٦)، المسودة ص ٣٥٨، روضة الناظر ص ٢٧٣، مختصر الطوفي ص ١٢٦، اللمع ص ٢٦، إرشاد الفحول ص ١٨٢، علم أصل الفقه ص ١٥٤، تفسير النصوص (١/ ٦١٥)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣٦٤)، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص ١٧٣، أصول الأحكام ص ٢٦٣.
(٢) تفسير النصوص (١/ ٦١٧)، أثر الاختلاف في القواعد الأصولية ص ١٧٣، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣٦٥)، إرشاد الفحول ص ١٨١.
(٣) هذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه ابن خزيمة عن ابن عمر رضي اللَّه عنهما، والقلتان تساويان ٢٧٠ لترًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>