للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - هل يجب على اللَّه تعالى عند إنزال الشرائع أن يحكم بحسن الفعل الذي أدرك العقل حسنه، وأن يحكم بقبح الفعل الذي أدرك العقل قبحه؟

وقبل بين الاختلاف والجواب عن هذه الأسئلة نبين معنى الحسن والقبح، ثم نذكر المذاهب المختلفة في الموضوع.

[معنى الحسن والقبح]

يطلق الحسن والقبح على أربعة إطلاقات، هي:

١ - يطلق الحسن على كل أمر يلائم الطبع، مثل حسن الحلو وحسن إنقاذ الغرقى، ويطلق القبح على كل أمر ينفر الطبع منه، مثل قبح المر، وقبح أخذ المال ظلمًا.

٢ - يطلق الحسن على صفة الكمال، مثل حسن العلم وحسن الكرم، ويطلق القبح على صفة النقص، مثل قبح الجهل وقبح البخل.

وهذان الإطلاقان معنيان عقليان، يحكم بهما العقل بالاتفاق بين أهل السنة والمعتزلة (١).

٣ - يطلق الحسن على ما يباح للإنسان فعله مع العلم به والقدرة عليه، بمعنى نفي الحرج عنه، والقبيح ما يقابله مما لا يباح له فعله، وهذا المعنى غير ذاتي باتفاق، ولا يدركه العقل، لاختلافه باختلاف الأحوال.


(١) قال العز بن عبد السلام: "ومعظم مصالح الدنيا ومفاسدها معروف بالعقل، وذلك معظم الشرائع، إذ لا يخفى على عاقل قبل ورود الشرع أن تحصيل المصالح المحضة، ودرء المفاسد المحضة عن نفس الإنسان وعن غيره" قواعد الأحكام، له: ١/ ٥، ثم قال: "وأما مصالح الدارين وأسبابها فلا تعرف إلا بالشرع" المرجع السابق: ١/ ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>