للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الالتزام به، وترك تفصيله وتطبيقه وكيفية أدائه لعلماء الأمة حسب مقتضيات الزمان والمكان، مثال ذلك الأمر بالشورى في قوله تعالى: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران: ١٥٩] , ووصف المؤمنين بقوله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} [الشورى: ٣٨] , فالنص عام ومرن، وأما التنفيذ فله أشكال متعددة لا تدخل تحت حصر، فيختار كل فرد وكل جماعة وكل أمة ما يلائمها من وسائل لتطبيق الشورى.

ولكن هذا الموضوع يقودنا إلى سؤال: كيف يتفق ذلك البيان مع صفة الكمال في القرآن الكريم؟

ثالثًا: الكمال في أحكام القرآن الكريم:

قد يبدو للإنسان شيء من التعارض بين هذا البيان الإجمالي العام في القرآن الكريم، وبين عدد من الآيات التي تصف القرآن بالكمال، مثل قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣] وقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩)} [النحل: ٨٩] وقوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨)} [الأنعام: ٣٨] (١).

ويلاحظ أن بعض الناس تمسكوا بظاهر هذه الآيات في محاولة رد السُّنة وغيرها من مصادر التشريع، وسبقت الإشارة في الرد عليهم؛ وسيأتي مزيد من التفصيل في حجية السنة؛ كما تعرض لهذه المسألة بعض ضعاف الإيمان ودعاة التشكيك في العقيدة بالتنطح والتحدي بضرب بعض الأمثلة والحوادث والوقائع والكونيات والمخترعات التي يطلبون دلالة القرآن الكريم عليها.


(١) انظر قول الشاطبي: إن القرآن فيه بيان كل شيء، الموافقات: ٣/ ٢٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>