للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المسألة الثانية: تغير الاجتهاد]

يجوز للمجتهد أن يكون له قولان في وقتين مختلفين، وذلك بأن يكون له اجتهاد وفيه رأي معين، ثم يجتهد في نفس المسألة فيصل إلى اجتهاد آخر ورأي جديد مخالف للأول، وهذا جائز باتفاق.

وأسباب تغير الاجتهاد كثيرة، أهمها:

[١ - وجود دليل جديد]

إن الاجتهاد يتبع الدليل، فإذا وجد المجتهد دليلًا أقوى من دليل الاجتهاد الأول، أو أصح منه، أو أقرب دلالة، فيجب عليه الأخذ بالأقوى والأصح؛ لأنه أقرب إلى الحق والصواب.

[٢ - تغير الزمان]

إذا كان الحكم السابق مبنيًّا على العرف، أو مصلحة الناس، ثم تغير العرف أو تغيرت مصلحة الناس، وجب تغير الحكم الشرعي، وهو المقرر في قاعدة "لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان" وذلك لتحقيق المصلحة، ودفع المفسدة، وأمثلة ذلك كثيرة، كالإفتاء بجواز أخذ الأجرة أو الراتب على تعليم القرآن، والقيام بالشعائر الدينية كالإمامة والخطابة؛ لتغير العرف بسبب انقطاع المكافآت والعطايا التي كانت تدفع من بيت المال للمشتغلين بهذه الوظائف، والحكم بتضمين الصنّاع لأموال الناس التي تهلك في أيديهم محافظة على الأموال من الضياع، وتحقيقًا لمصلحة المجتمع، والقول بجواز التسعير دفعًا للضرر العام وتحقيقًا لمصلحة الناس، وإفتاء الصاحبين بضرورة تزكية الشاهد المسلم خلافًا لأبي حنيفة؛ لتغير حال الناس، وقالا: هذا اختلاف عصر وزمان، وليس اختلاف حجة وبرهان، ومثله إفتاء الفقهاء المتأخرين بعدم جواز القضاء بعلم القاضي لتغير الزمان والحفاظ على حقوق الناس.


= ص ٣٧٦، مختصر البعلي ص ١٦٥، مختصر الطوفي ص ١٧٩، شرح تنقيح الفصول ص ٤١٩، شرح الكوكب المنير (٤/ ٤٩٢)، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٨٧، إرشاد الفحول ص ٢٦٣، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١١١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>