للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثاله في القرآن: ورد في القرآن الكريم آية تجعل عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام، سواء كانت المرأة حاملًا أو غير حامل، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤]، ووردت آية أخرى تحدد أجل انتهاء عدة الحامل بوضع الحمل، سواء كانت متوفى عنها زوجها أو مطلقة، قال تعالى: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤]، فوقع التعارض في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها.

ومثاله في الحديث: قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الرّبا في النسيئة" (١)، فالحديث يحصر الربا المحرَّم في ربا النسيئة (المؤجل)، ومقتضاه إباحة ربا الفضل (الزيادة بدون أجل)، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تبيعوا البر بالبر إلا سواء بسواء ... ولا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل" (٢)، وهذا يدل على تحريم ربا الفضل، فيكون الحديثان متعارضين (ظاهرًا) في ربا الفضل، فالأول يدل على إباحته، والثاني يدل على تحريمه.

[محل التعارض]

يرى بعض الأصوليين أنه لا تعارض بين دليلين قطعيين، سواء كانا عقليين، أو نقليين، أو أحدهما عقليًّا والآخر نقليًّا؛ لأنه يؤدي إلى اجتماع النقيضين، أو ارتفاعهما، ولأن ترجيح أحدهما على الآخر محال، فلا مدخل للترجيح في الأدلة القطعية، وينحصر التعارض في الأدلة الظنية، سواء كانت نقلية، أو عقلية، أو أحدها عقليًّا، والآخر نقليًّا، ثم يقع الترجيح بينها.

ويرى بعض الأصوليين منع التعارض بين دليلين عامين بلا مرجح (٣).


= أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١١٧٣)، علم أصول الفقه ص ٢٢٩.
(١) هذا الحديث أخرجه البخاري (٢/ ٧٦٢ رقم ٢٠٦٩) بلفظ "لا ربا إلا في النسيئة" ومسلم (١١/ ٢٥ رقم ١٥٩٦) باللفظ المذكور، وبألفاظ عدة، منها "الربا في النسيئة" "ألا إنما الربا في النسيئة" "لا ربا فيما كان يدًا بيد".
(٢) هذا الحديث أخرجه البخاري (٢/ ٧٦١ رقم ٢٠٦٦) ومسلم (١١/ ٩ رقم ١٥٨٤) والترمذي (٤/ ٤٣٨) وأحمد (٦/ ٤٠٠) وغيرهم، وله ألفاظ متعددة.
(٣) شرح الكوكب المنير (٤/ ٦٠٥، ٦٠٧، ٦٢٧)، إرشاد الفحول ص ٢٤٧، ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>