للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الصوم مثلًا تهذيب النفس وتربية الروح، وتعويد المرء على الصبر، وليس المقصود إيلام النفس بالجوع والعطش (١).

ويجب على المكلف أن يتحرى مقاصد الشريعة في التكليف، وأن لا يقصد مجرد المشقات التي فيها، ومن فعل ذلك ظانًّا زيادة الأجر والتقرب فقد أخطأ، ولا أجر له، ولكن له أن يقصد العمل الذي يعظم أجره وتعظم مشقته (٢).

ثانيًا: المشقة غير المعتادة:

وهي المشقة الخارجة عن معتاد الناس، ولا يمكن أن يداوموا على تحملها، وأن المداومة على هذه المشقة يرهق المكلف ويقطعه عن التكليف، ويناله الضرر والأذى في النفس والمال، وهذا يتنافى مع مقاصد الشريعة (٣).

وهذا النوع لم يرد في التكاليف الشرعية إلا استثناء (٤)، وإذا حصلت مثل هذه المشقة، لعارض ما، فقد شرع سبحانه وتعالى الرخصة ورغب


(١) أصول الفقه، الخضري: ص ٨٥.
(٢) الموافقات: ٢ ص ٩١.
(٣) أصول الفقه، خلاف: ص ١٥٣، مباحث الحكم: ص ١٩٧، أصول الفقه، أبو زهرة: ص ٣٠٥، الموافقات: ٢ ص ٨٤.
(٤) ورد التكليف بأمور شاقة استثناء في أحوال خاصة لمقاصد معينة وبشروط معينة، وذلك لجواز التكليف فيها لا على وجه الدوام والاستمرار من جهة، أو فيها دوام واستمرار ولكن ليست فرض عين على جميع المكلفين، إنما هي فرض كفاية على من يجاهد نفسه ويتحمل هذه المشقة، مثل الجهاد في سبيل اللَّه، ففيه مشقة شديدة تؤدي إلى القتل والموت، ولا يستطيع كل الناس تحمل هذه المشقة، فكان الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ومثل الصبر على العذاب والقتل عند الإكراه على الكفر، وغير ذلك من العزائم الشديدة التي تتضمن مشقة كبيرة على المكلف، وهذه المشقة ليست مقصودة أيضًا، ولكن تبذل في سبيل الحفاظ على أمر هام، ولدفع ضرر أشد، انظر: أصول الفقه، أبو زهرة: ص ٣٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>