للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يموت بموته، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: "اقْتَدُوا باللَّذَيْنِ من بَعْدي: أبي بكرٍ وعُمَرَ" (١)، وهذا الأمر عام للاقتداء بهم أثناء حياتهم، وبعد مماتهم، وقال عليه الصلاة والسلام: "عَلَيكم بسنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ من بَعْدي: عَضُّوا عليها بالنَّواجذ" (٢)، واحتج الأصوليون على ذلك بانعقاد الإجماع على جواز العمل بفتاوى الموتى، وأضاف بعضهم: أن ذلك للضرورة، فلو لم نجوِّز تقليد المجتهد الميت، لأدى ذلك إلى إفساد أحوال الناس، ولذلك قالوا: موت المجتهد لا يُميت قوله، فكأنه أحد الأحياء فيقلد (٣).

وهذا القول هو الراجح، فيجوز تقليد المجتهد الميت إذا ثبت النقل عنه، وكان دليله معروفًا، إلا إذا كان مبنيًّا على العرف والمصلحة فتجوز مخالفته.

[تقليد المفضول]

يجوز تقليد المجتهد المفضول، مع وجود الأفضل عند الأكثر من المذاهب الأربعة (٤)؛ لأن العامي أو المستفتي لا يمكنه الترجيح ومعرفة


(١) هذا الحديث أخرجه الترمذي (١٠/ ١٤٧، ١٤٩) وابن ماجه (١/ ٣٧) وأحمد (٥/ ٣٨٢) وابن حبان (ص ٥٣٩) والحاكم (٣/ ٧٥) وانظر: تخريج أحاديث البزدوي ص ٢٣٦، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص ٢٩٩.
(٢) هذا الحديث أخرجه أبو داود (٢/ ٥٠٦) والترمذي (٧/ ٤٣٩) وابن ماجه (١/ ١٥) والدارمي (١/ ٤٤) والحاكم (١/ ٩٥) وابن حبان (ص ٥٦) وانظر: تخريج أحاديث البزدوي ص ٢٣٨، تخريج أحاديث مختصر المنهاج ص ٢٩٩.
(٣) انظر هذه الأقوال وأدلتها مفصلة في: البرهان (٢/ ١٣٥٢)، الإحكام لابن حزم (٢/ ٨٣٨)، فواتح الرحموت (٢/ ٤٠٧)، المحصول (٣/ ٩٧)، المسودة ص ٥٢١، ٥٢٢، أعلام الموقعين (٤/ ٢٧٤)، البحر المحيط (٦/ ٢٩٧، ٣٢٧)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٥١٣)، تيسير التحرير (٤/ ٢٥٠)، نهاية السول (٣/ ٢٥٧)، جمع الجوامع والبناني (٢/ ٣٩٦)، المجموع (١/ ٩٠)، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٩١، إرشاد الفحول ص ٢٦٩، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١١٥٩).
(٤) خالف بعض العلماء في ذلك، واشترط بعضهم أن يعتقده فاضلًا أو مساويًا، لا مفضولًا؛ لأنه لا يصح أن يعدل عن الراجح إلى المرجوح، وقال بعضهم: يلزمه الاجتهاد ليقدم الأرجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>