للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء: ٩٢]، وقوله تعالى في كفارة اليمين: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ} [المائدة: ٨٩]، فالسبب مختلف، وهو القتل، والحنث في اليمين، والحكم مختلف: شهرين، ثلاثة أيام، وورد الصيام الأول مقيدًا بالتتابع، والثاني مطلقًا عن التتابع، فلا يحمل المطلق على المقيد، إلا أن الحنفية اشترطوا التتابع في صيام كفارة اليمين بقراءة ابن مسعود الشاذة: {فصيام ثلاثة أيام متتابعات}.

[الصورة الثالثة: الاختلاف في الحكم، واتحاد السبب]

وذلك بأن يكون سبب الحكم في المطلق هو سبب الحكم في المقيد، ولكن الحكم في المقيد غير الحكم في المطلق، فاتفق أكثر العلماء على أنه لا يحمل المطلق على المقيد، ويعمل بكل منهما على حدة، إلا إذا قام دليل آخر يدل على الحمل؛ لأنه لا تنافي في الجمع بينهما عند الدليل كالسنة مثلًا.

مثاله: قوله تعالى في الوضوء: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: ٦]، وقوله تعالى في التيمم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: ٤٣]، فالسبب متحد وهو الحدث وإرادة الوضوء، والحكم مختلف، وهو الغسل في الوضوء، والمسح في التيمم، ولفظ الأيدي مقيد بالمرافق في الوضوء، ومطلق في التيمم، فلا يحمل المطلق على المقيد، ويعمل بكل منهما، ويبقى مسح الأيدي في التيمم مطلقًا.

لكن لجأ الفقهاء إلى السنة، فقال الحنفية والشافعية: يجب مسح الأيدي في التيمم إلى المرافق؛ لما روى ابن عمر رضي اللَّه عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "التيمم ضربتان: ضربة للوجه، وضربة لليدين إلى المرفقين" (١)، فيجب مسح اليدين في التيمم إلى المرفقين.

وقال المالكية والحنابلة: الواجب مسح الكفين فقط؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أمر عمار بن ياسر بالتيمم للوجه والكفين" (٢).


(١) هذا الحديث رواه الدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي.
(٢) هذا الحديث رواه الترمذي وصححه، والدارقطني.

<<  <  ج: ص:  >  >>