للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثاله: قوله تعالى في التيمم: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} [المائدة: ٦]، وفي آية أخرى في التيمم: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: ٤٣]، فالسبب واحد وهو إرادة الصلاة، والحكم واحد وهو وجوب المسح، والآية الأولى فيها إطلاق للممسوح به وهو التراب مطلقًا (طاهرًا أو نجسًا)، والآية الثانية مقيدة بالصعيد الطيب (أي التراب الطاهر) فيحمل المطلق على المقيد، ويجب مسح الوجه والكفين بالتراب الطاهر، لا النجس (١).

[الصورة الثانية: الاختلاف في الحكم والسبب]

إذا ورد نصان أحدهما مطلق، والآخر مقيد، ولكن بينهما اختلاف في السبب، وفي الحكم، فلا يحمل المطلق على المقيد باتفاق العلماء؛ لعدم الصلة بينهما، فلا يحمل أحدهما على الآخر قطعًا.

مثاله: قوله تعالى في قطع يد السارق: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: ٣٨]، وقوله تعالى في الوضوء: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ} [المائدة: ٦]، فالسبب مختلف في الآيتين: السرقة، وإرادة الصلاة ورفع الحدث، والحكم مختلف، ففي الأولى قطع يد السارق، وفي الثانية: غسل اليد، فلا يحمل المطلق على المقيد، وخاصة أن السنة الشريفة حددت موضع قطع يد السارق من الرسغ (نهاية الكف).

ومثاله: قوله تعالى في كفارة القتل الخطأ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ


(١) ومثال آخر: قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} [المائدة: ٣]، وقوله سبحانه: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} [الأنعام: ١٤٥]، فالسبب واحد وهو وجود الضرر في الدم، والحكم متحد وهو حرمة تناول الدم، والنص الأول مطلق "والدم" والنص الثاني مقيد "دمًا مسفوحًا" فيحمل المطلق على المقيد، ويكون الدم المحرم هو المسفوح، أما الباقي في العروق واللحم فهو مباح معفو عنه، وكذلك الدم الجامد وهو الكبد والطحال فهما حلالان.
انظر: أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٢١٣)، أصول الأحكام ص ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>