يتعلق بالاجتهاد اعتماد الإصابة حتمًا فيه، أو احتمال الخطأ، ويتقدم على ذلك معرفة القصد الذي يتوجب على المجتهد التوجه إليه، ثم نختم ذلك بحكم المخطئ في الاجتهاد، هل يعتبر آثمًا أم مأجورًا؟
أولًا: القصد في الاجتهاد:
اختلفت عبارات العلماء في ذلك، وهذا بحث نظري بحت لا يترتب عليه أثر عملي، ولذلك نعرضه بإيجاز.
قال الإمام الشافعي رحمه اللَّه تعالى:"يجب على المجتهد أن يقصد باجتهاده أمرين، وهما طلب الحق عند اللَّه تعالى، وإصابة العين التي يجتهد بها"، وهذا هو المعول عليه في مذهبه؛ لأن الحق ما كان عند اللَّه حقًّا، لا عند غيره.
وقال المزني رحمه اللَّه تعالى، وهو تلميذ الشافعي: يجب على المجتهد أن يقصد باجتهاده طلب الحق عند نفسه، أي: ما يستطيعه ويتوصل إليه فقط؛ لأن ما عند اللَّه لا يعلم إلا بالنُّصوص.
وقال بعض أهل العراق من الفقهاء والمتكلمين: إن الذي يجب على المجتهد هو الاجتهاد فحسب، ليعمل بما يؤديه إليه اجتهاده، فيجعلون عليه الاجتهاد، ولا يجعلون عليه طلب الحق بالاجتهاد؛ لأنه مكلف بالاجتهاد فقط، ويقال: إنه مذهب أبي يوسف رحمه اللَّه تعالى؛ لأن ما أخفاه اللَّه تعالى فلا طريق للناس إلى إظهاره، وفي التزامه من المجتهد أو إلزامه به تكليف بما لا يستطاع، كإحياء الأجسام، وقلب الأعيان.
وفصل الإمام أبو حنيفة رحمه اللَّه تعالى، فقال: يجب على المجتهد في بعض الأحكام طلب الحق بالاجتهاد كالشافعية، ويجب عليه في بعض الأحكام مجرد الاجتهاد ليعمل بما يؤديه إليه اجتهاده، كقول أبي يوسف.
ويرد على القول الثاني أن الاجتهاد نفسه استدلال، والحكم الذي وصل