للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الرابع حروف الشرط]

إن حروف الشرط كلمات وألفاظ، وسميت حروفًا باعتبار أن الأصل فيها كلمة "إن" وهو حرف اختص بمعنى الشرط، وليس له معنى سواه، بخلاف سائر ألفاظ الشرط، فإنها تستعمل في معان أخرى سوى الشرط.

وأعرض هنا أربعة حروف، وهي: إنْ، إذا، متى، كيف.

أولًا: إِنْ:

إن موضوعة حقيقة للشرط، أي: لتعليق حصول مضمون جملة بحصول جملة أخرى فقط، من غير اعتبار ظرفية ونحوها، كما في: إذا، ومتى، مثالها قوله تعالى: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} [الأنفال: ٣٨].

والغالب استعمال "إنْ" فيما يمكن وقوعه، وهو الأمر المعدوم ولكنه على خطر الوجود، أي: إنه متردد بين الوجود وعدمه، نحو: إن قام زيد قمت، ونحو: إن زرتني أكرمتك، ولا تستعمل فيما هو قطعي الوجود أو قطعي الانتفاء، نحو: إن جاء غد أكرمتك.

وقد تأتي أحيانًا في الأمر المحقق الوجود، نحو: إن مات زيد زرتك، ومنه قوله تعالى: {أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران: ١٤٤]، ومنه قول الشاعر:

كم شَامِتٍ بي إنْ ... هلكتُ وقائلٍ للَّه درُّه

ولكن إذا استعملت فيما لا بد من وقوعه، فلا بدَّ أن يكون زمن وقوعه مبهمًا، كالأمثلة السابقة، ومثله قوله تعالى: {وَلَئِنْ مُتُّمْ} [آل عمران: ١٥٨].

ولا تدخل "إن" على المستحيل إلا لنكتة، نحو قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ} [الزخرف: ٨١].

وتجئ "إن" للنفي إن تلاها "إلا" نحو قوله تعالى: {إِنِ الْكَافِرُونَ إلا فِي} [الملك: ٢٠]، أو إن تلاها "لمّا" نحو قوله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤)} [الطارق: ٤]، أو إن تلاها غيرهما، نحو قوله تعالى: {إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>