بتهيئة النفوس للاستعمار الفكري والثقافي والتشريعي، فالاجتهاد يطرد ذلك، ويجعل العلماء والفقهاء والمجتهدين والأمة في المكان الذي يحبه اللَّه ويرضاه، ويدعو إليه ويرغب به.
[٦ - الارتباط بمصادر التشريع]
إن الاجتهاد العملي يعمق الارتباط بالقرآن الكريم والسنة الشريفة، ويُحكم الصلة بآثار الصحابة والتابعين، ويتفاعل مع فتاوى السلف والخلف، ويوثق الصلة باللغة العربية والتراث العظيم، وتاريخ التشريع الإسلامي في مختلف أطواره، فيستفيد المجتهد من كل ذلك، ثم يبدع وينتج ويستخرج الأحكام الشرعية التي تنفع الناس، ويوجد الحلول الإسلامية لمجريات الحياة.
[٧ - الارتباط بالواقع والحياة]
إن المجتهد في قضايا عصره يرتبط ارتباطًا وثيقًا بحياة الناس، وهموم الأمة، والنوازل التي تقع، فيكون مجتهدًا وعالمًا واقعيًّا يفهم حياته وعصره، ولا يبقى في البرج العاجي الخالي من الناس، ويقطع عنه أحلام الماضي، والتغني بالآباء والأجداد، بل يعيش مع أهل العصر، ويكشف لهم الطريق الشرعي لمعاملاتهم على ضوء الكتاب والسنة وسائر مصادر التشريع الإسلامي.
وهذا يقودنا إلى دراسة الفتوى ل غلق باب الاجتهاد، ثم بيات الدعوة إلى فتحه، واستمرار الاجتهاد طوال العصور.
[غلق باب الاجتهاد]
إن أهمية الاجتهاد، ومعرفة مكانته، وممارسته عمليًّا، يتوقف على توفر المجتهدين، وتحقق الشروط المطلوبة فيهم، حتى لا يكون الاجتهاد وسيلة للدس والتخريب، والهدم، وتحريف الدِّين، والعبث بأحكامه، والانحراف به نحو الهاوية بالاتجاه المعاكس لمشروعيته أصلًا.
وهذا ما خشي منه العلماء الغيورون على دينهم فيما بعد القرن الرابع، لما رأوا من ضعف الدولة الإسلامية، وانقسامها إلى دويلات وممالك، وتشرذم كثير من العلماء مع الحكام المتنفذين، وضعف الاستقلال الفكري،