الاجتهاد؛ لأنهما قطعيا الثبوت، من ناحية كونهما نصًّا قرآنيًّا ثابتًا بالتواتر، كما أنهما قطعيا الدلالة؛ لأن لفظ "مئة" ولفظ "ثمانين" من الألفاظ الخاصة التي تدل على معناها دلالة قطعية، ولا تحتمل معنى آخر.
[٢ - الأحكام المجمع عليها]
إن الإجماع في أصله اجتهاد، إما أن يقع في نصوص ظنية، ولكن يقع اتفاق جميع المجتهدين على أحكامها، فتصبح ثابتة بالإجماع، وإما أن يقع في مسائل لا نص عليها، ويتفق المجتهدون على حكم فيها، وفي هاتين الحالتين لا يصح الاجتهاد؛ لأن الإجماع جعل حجيتها قطعية، واستقرت الأحكام فيها، وخرجت عن مجال الاجتهاد ومحله، كبطلان عقد زواج المسلمة من غير المسلم، وجواز عقد الاستصناع، واعتبار الجد كالأب في الميراث، وخلافة أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنه، وغير ذلك.
ويدخل في ذلك ما علم من الدِّين بالضرورة، مما شاع وانتشر بين المسلمين؛ لأنه إما أنه ثابت بدليل قطعي الثبوت والدلالة، أو غير ذلك، ولكن اشتهاره وانتشاره وشيوعه جعله كأنه إجماع، ولا يوجد له مخالف من المسلمين الذين يعتدّ بهم، كمشروعية البيع والزواج، وحرمة الربا وشهادة الزور وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين وسائر الكبائر (١).
ثانيًا: ما يجوز فيه الاجتهاد:
إن مجموع الأحكام التي لا يجوز فيها الاجتهاد معدودة ومحصورة، وما عدا ذلك فيجوز فيه الاجتهاد مما لا عدَّ له، ولا حصر، وتتلخص في أمرين، الأول: ما لا نصَّ فيه أصلًا، وهو كثير كثير، والثاني: ما فيه نص غير قطعي، وتفصيل ذلك فيما يجوز فيه الاجتهاد يشمل ما يلي:
(١) المستصفى (٢/ ٣٥٤)، البحر المحيط (٦/ ١٩٧، ١٩٨)، إرشاد الفحول ص ٢٥٢، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١٠٥٢)، أصول الأحكام ص ٣٧٠، الفصول (٤/ ١١، ١٣)، علم أصول الفقه ص ٢١٦.