للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والسنة المتواترة حجة كاملة باتفاق العلماء، وينطبق عليها ما قلناه تمامًا في حجية السنة، وتفيد العلم اليقيني القطعي في صحتها وثبوتها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - متى توافرت شروط التواتر، ويكفر جاحد الحديث المتواتر، والاحتجاج به في قوة الاحتجاج بالقرآن الكريم، وهما بمرتبة واحدة في الثبوت، ولذا فإن الحديث المتواتر يخصص العام في القرآن الكريم، ويقيد المطلق، ويبين المشترك، وينسخ القرآن الكريم عند الجمهور (١)، وغير ذلك كما سنرى فيما بعد (٢).

ثانيًا: الحديث المشهور: وهو ما رواه عن رسول الله صحابي أو اثنان أو جمع لم يبلغ حد التواتر، ثم رواه عن هؤلاء جمع يؤمن تواطؤهم على الكذب، ورواه عنهم جمع مثله، أي: إن الحديث المشهور كان آحاديًّا في الطبقة الأولى من رواته، ثم تواتر في الطبقة الثانية والثالثة (٣).

مثاله: ما رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إنما الأعمال بالنيات .. الحديث" (٤) ثم رواه عن عمر عدد كبير من الصحابة والتابعين الذين يبلغون حد التواتر، ومثله ما رواه أبو بكر أو علي أو ابن مسعود أو غيرهم من الصحابة، ثم اشتهر بعد ذلك، ولا عبرة لاشتهاره بعد القرن الثاني والقرن الثالث؛ لأن تدوين السنة قد اكتمل، واشتهرت جميع الأحاديث وأخبار الآحاد.


(١) انظر كشف الأسرار: ٢ ص ٢٨٢. نهاية السول: ٢ ص ٢٦٢، المستصفى: ١ ص ١٣٢، الإحكام، الآمدي: ٢ ص ١٥، اللمع، للشيرازي: ص ٤٢، الإحكام، ابن حزم: ١ ص ٩٥، إرشاد الفحول: ص ٤٧، أصول الفقه، أبو النور: ٣ ص ١٢٩، ١٣٠، الوسيط في أصول الفقه الإِسلامي، للدكتور وهبة الزحيلي: ص ٢٤٣.
(٢) المطلب الثالث في مكانة السنة: ص ٢١٧.
(٣) إرشاد الفحول: ص ٤٩، كشف الأسرار: ٢ ص ٦٨٨.
(٤) رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أصحاب الكتب المعتمدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>