للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مقدمة]

إن الله خلق آدم، وخلقه في أحسن تقويم، واصطفاه على غيره من المخلوقات، وجعله خليفة على الأرض، وسخر له الكون وما فيه من شمس وقمر ونجوم وأنهار وبحار ودواب، وعندما خلق الله الإنسان لم يخلقه عبثًا، ولم يتركه سدى، وإنما أنزل عليه الوحي هدى وإرشادًا، قال الله تعالى: {قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٨)} [البقرة: ٣٨] وأرسل الله لكل قوم أو أمة نبيًّا أو رسولًا، يعلمهم العقيدة ويرسم لهم نظام الحياة، قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إلا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤)} [فاطر: ٢٤] وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: ٣٦] كل ذلك ليلتزم الإنسان بشريعة الله وهداه، ويتمسك بأحكامه ومبادئه، وهذا يوجب أن يحقق الإنسان خلافة الله ويطبق شريعته، ويعض عليها بالنواجذ، ويحتكم إليها، وإلا اعتبر شاذًّا ومنحرفًا وكافرًا وفاسقًا، قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (٤٧)} [المائدة: ٤٧] الكافرون كالظالمون، وكان من صفات المؤمنين الاستسلام لحكم الله تعالى: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥١)} [النور: ٥١].

فأحكام الله تعالى وشريعته جاءت لهداية الناس وإرشادهم إلى ما فيه الخير، وهذه الأحكام الشرعية لها أدلة تدل عليها، ومصادر تؤخذ منها،

<<  <  ج: ص:  >  >>