للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد شربه الرابعة، فإنه ناسخ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا شرب الرابعة فاقتلوه" (١)، ومثله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أكل لحمًا ولم يتوضأ" (٢)، فإنه نسخ قوله: "توضؤوا مما مست النار" (٣).

وقال أكثر الأصوليين: إن الفعل لا ينسخ القول، وإنما يستدل بالفعل على تقدم النسخ بالقول، فيكون القول منسوخًا بمثله من القول، لكن الفعل بيَّن ذلك القول.

[٣ - الإجماع]

قال الشافعي رحمه اللَّه تعالى: "ولا يستدل على الناسخ والمنسوخ إلا بخبر -عن الرسول- آخر مؤقت يدل على أن أحدهما بعد الآخر، أو بقول من سمع الحديث، أو العامة" (٤)، وقال العلماء: يكون الإجماع مبيّنًا لا ناسخًا، وقالوا: يستدل بالإجماع على أن معه خبرًا به وقع النسخ، لكن قال الزركشي رحمه اللَّه تعالى: "والتحقيق أن الإجماع لا ينسخ به؛ لأنه لا ينعقد إلا بعد الرسول، وبعده يرتفع النسخ، وإنما النسخ يرفع بدليل الإجماع، وعلى هذا ينزل نص الشافعي والأصحاب" (٥).

ومثال ذلك نسخ صوم عاشوراء بصوم رمضان بالإجماع، ونسخ الحقوق المتعلقة بالمال بفريضة الزكاة بالإجماع.

٤ - نقل الصحابي (٦):


(١) هذا الحديث رواه أحمد عن ابن عمرو رضي اللَّه عنه، وأبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد عن معاوية رضي اللَّه عنه، وأبو داود والترمذي بمعناه عن قبيصة، وغيرهم عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه (نيل الأوطار ٧/ ١٥٥).
(٢) هذا الحديث رواه مسلم والنسائي وأبو داود عن أم سلمة وجابر رضي اللَّه عنهم، وانظر: نيل الأوطار (١/ ٢٣٩).
(٣) هذا الحديث أخرجه الترمذي عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه.
(٤) البحر المحيط (٤/ ١٥٣).
(٥) البحر المحيط (٤/ ١٥٤)، وانظر نفس المعنى في: الفصول في الأصول (٢/ ٢٩٠)، شرح الكوكب المنير (٣/ ٥٦٤).
(٦) قال الحنفية: إن رواية التابعي في ذلك كالصحابي، انظر: الفصول في الأصول =

<<  <  ج: ص:  >  >>