كتاب الوجيز في أصول الفقه الإسلامي

ملحق: التأويل - الاعتدال في التأويل - ج: 2 - ص: 107

وردّ الجماهير هذا التأويل البعيد لما ثبت في الصحاح مداومة الرسول - صلى الله عليه وسلم - على غسل الرجلين، ولم يثبت المسح عنه من وجه صحيح، وأمرَ بالغسل في أحاديث كثيرة، وثبتت به آثار عن الصحابة، وأن المسح في اللغة يستعمل بمعنى الغسل، وقراءة النصب "وأرجلَكم" صريحة في عطف الأرجل على الأيدي، فتحص في قراءة الخفض على المجاورة، وغير ذلك من الأدلة (١).

[الاعتدال في التأويل]

وقع في التأويل إفراط وتفريط، فذهب الظاهرية إلى غلق باب التأويل كله، والأخذ بالظاهر دائمًا، مما يؤدي إلى البعد عن روح الشريعة، والخروج عن أصولها العامة، والجمود على النصوص، وإظهارها متخلفة وقاصرة.

وذهبت فئة إلى فتح باب التأويل على مصراعيه، فأخرجوا النصوص عن ظاهرها ومعناها، حتى أوّلوها تأويلًا باطنًا مما وصل بهم إلى الزلل والعبث بالنصوص ومتابعة الآهواء.

وذهب جماهير العلماء إلى الاعتدال، والأخذ بالتأويل بحذر واحتياط، واقتصاره على التأويل الصحيح الذي دل عليه دليل، ولا يأباه اللفظ، ولا يعارض نصًّا صريحًا، ووضعوا له الشروط لقبوله، وهذا هو الحق والصواب (٢).

---

(١) انظر أمثلة أخرى للتأويل البعيد في: شرح الكوكب المنير (١/ ٤٦٥) وما بعدها، علم أصول الفقه ص ١٦٦، تفسير النصوص (١/ ٣٩١) وما بعدها، (٤٢٩، ٤٠٢)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣١٥).
(٢) علم أصول الفقه ص ١٦٦، تفسير النصوص (١/ ٤٣٠، ٤٣٨، ٤٤٨)، وانظر أثر الاختلاف في الحكم على التأويل في: تفسير النصوص (١/ ٣٩٧) وما بعدها.