للإفتاء أربعة أركان، وهي: المفتي، والمستفتى، والمستفتى فيه، والحكم الذي هو الفتوى، ولكل ركن شروطه.
[الركن الأول: المفتي]
تطور تعريف المفتي في التاريخ الإسلامي، واختلفت شروطه من عصر لآخر حسب حالة الاجتهاد:
أ- المفتي: هو المجتهد، وهذا في العصور الأولى حتى منتصف القرن الرابع الهجري، ويشترط فيه شروط المجتهد التي سبق بيانها.
ب- المفتي: هو الفقيه، أي: العالم المختص بالفقه، وكان يراد به في العصور الأولى المجتهد المطلق حصرًا، فالفقيه يرادف المجتهد في ذلك الوقت (١).
ج- المفتي: هو المجتهد غير المطلق، ويشمل كل من كان من أهل الاستدلال والاستنباط، ومن كان من أهل التخريج والترجيح، وهذا بعد القرن الرابع الهجري.
د- المفتي: هو المتفقه، أي: الذي درس الفقه على أحد المذاهب الفقهية، وعرف أحكامه، وصار الناس يقصدونه لمعرفة أحكام الشرع، ويسألونه عن أمور الدين، وقد يعين رسميًّا من قبل الدولة في وظيفة الإفتاء.
وهذا المعنى الأخير هو المراد في هذا العصر، ويكون إطلاق المفتي على متفقه المذاهب من باب المجاز، والحقيقة العرفية الموافقة للعرف
(١) قال الزركشي رحمه اللَّه تعالى: "المفتي هو الفقيه ... ؛ لأن من قامت به صفة جاز أن يشتق لها منها اسم فاعل، قال الصيرفي: وموضوع هذا الاسم لمن قام للناس بأمر دينهم، وعَلم جُمَل عموم القرآن وخصوصه، وناسخه ومنسوخه، وكذلك في السنن، والاستنباط، ولم يوضع لمن علم مسألة وأدرك حقيقتها" البحر المحيط (٦/ ٣٠٤).