للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[إطلاقات الرخصة]

أطلق الأصوليون الرخصة مجازًا بثلاثة إطلاقات بالإضافة إلى معناها الحقيقي، وهي:

١ - ما استثني من أصل كلي يقتضي المنع مطلقًا دون توقف على عذر، وهو ما يقال له إنه مشروع على خلاف القياس، كالسلم والإجارة والقرض والمساقاة والاستصناع، فالقياس يمنع ويحرم هذه العقود، وشرعت استحسانًا، ويطلق عليها العلماء أنها رخصة، لما تتضمن في مشروعيتها من تسهيل وترخيص وتيسير ورفع للحرج عن الناس (١)، ولما جاء في الحديث: "نهى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الإنسان ما ليس عنده، ورخص في السلم" (٢).

٢ - نسخ الأحكام التكليفية الغليظة التي شدد اللَّه بها على الأمم السابقة، كالقتل لصحة التوبة، والصلاة في مكان العبادة فقط، ودفع ربع المال زكاة، وقطع الثوب إذا أصابته نجاسة، وغير ذلك مما نسخ في شريعتنا (٣)، ودل على النسخ قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} [البقرة: ٢٨٦]، وقوله تعالى: {وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ} [الأعراف: ١٥٧].

٣ - الأحكام التي جاءت توسعة على العباد، كالتمتع بالمباحات، والاستفادة من الملذات، وأكل الطيبات، فإنها رخصة مجازًا، لما يظهر


(١) الموافقات: ١ ص ٢٠٦.
(٢) قال القرطبي في شرح مسلم: إنه عثر عليه بهذا اللفظ، ويظهر أنه حديث مركب من حديثين (فتح القدير ٥/ ٣٢٤).
(٣) أصول الفقه، الخضري: ص ٧٢، أصول الفقه، خلاف: ص ١٣٩، مباحث الحكم: ص ١١٩، الموافقات: ١ ص ٢٠٧، أصول السرخسي: ١ ص ١٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>