للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثالها في المجاز: قول الرجل لزوجته: اعتدِّي، فهو حقيقة في الأمر بالعدّ والحساب، أي تعداد الأيام، والمراد منه مجازًا هو الطلاق، فاللفظ كناية عن الطلاق؛ لأنه سبب العدة، فهو مجاز مرسل من إطلاق السبب وإرادة المسبب (١).

[حكم الكناية]

إن الحكم الشرعي لا يثبت في الكناية إلا بالنية، أو بالقرينة التي تدل على تعيين المراد؛ لأن المراد مستتر، والأصل في الكلام أن يراد منه المعنى الصريح، فإذا قال رجل لامرأته: أنت عليَّ حرام، فلفظ "حرام" كناية عن الطلاق، فلا يقع إلا إذا نواه، وهكذا بقية ألفاظ الطلاق بالكناية، كقوله: الحقي بأهلك.

وبما أن الكناية أقل درجة من الصريح، فلا يثبت الحكم بها إلا بالنية من جهة، ولا يثبت بها القذف مثلًا من جهة ثانية، لأنها تتوقف على النية بإرادة معناها، والنية ترجع إلى القاذف، وهو ينكرها، والحدود تدرأ بالشبهات (٢).


(١) كشف الأسرار (٢/ ٢٠٣)، فواتح الرحموت (١/ ٢٢٦)، أصول السرخسي (١/ ١٨٨)، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (١/ ٣١٠)، أصول الأحكام ص ٣٠٧، الدلالات ص ٢٠٦.
(٢) القذف بالكناية كقول الشخص لآخر: أنا أبي معروف، فالصريح هو إثبات نسب المتكلم، والكناية أن الآخر غير معروف الأب، أو قال: أنا لست بزان، فالصريح أنه يدفع عن نفسه الزنا، والكناية: أنه تعريض بالآخر بالزنا، وهذا يتوقف على النية، والإرادة حكم خفي فهو في حكم العدم.
انظر: المنهاج ومغني المحتاج (ج ٣/ ٣٦٧، ٣٧٠)، المهذب (٥/ ٤٠٢) وما بعدها، المجموع (٢٢/ ١٠٧)، المحلي وقليوبي (٤/ ٢٨)، الروضة (٨/ ٣١١)، الحاوي (١٤/ ١١٣) وما بعدها، الأنوار (٢/ ٣٠٨).=

<<  <  ج: ص:  >  >>