تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٥٦)} [الأحزاب: ٥٦]، فإن لفظ الصلاة يراد به الدعاء، وهو المعنى اللغوي بقرينة لفظية هي نسبة الصلاة إلى الملائكة، فيراد منها الاستغفار، ونسبة الصلاة إلى اللَّه تعالى، فيراد منها الرحمة، ولا يقصد منها المعنى الشرعي وهي العبادة المعروفة، كما سبق.
[الأمر الثالث: المشترك المطلق]
وهو إذا ورد لفظ مشترك ولم يوجد قرينة ترجح أحد معانيه، فاتفق العلماء على أنه يجوز حمل اللفظ المشترك على أحد معانيه، أو أحد معنييه، ويكون حقيقة؛ لأنه استعمال اللفظ فيما وضع له، وأما إرادة المتكلم باللفظ المشترك استعماله في كل معانيه فقد اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول، وهو قول جمهور الأصوليين، أن المشترك يحمل على جميع معانيه، كالقول: إن العين مخلوقة، ونريد جميع معانيها، سواء كان المشترك واردًا في النفي أو في الإثبات، واستدلوا على ذلك بوقوعه في نصوص الشرع.
مثاله: قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}[الأحزاب: ٥٦]، فلفظ "الصلاة" مشترك بين المغفرة والاستغفار، واستعمل فيهما دفعة واحدة، لأن النص أسندها إلى اللَّه وإلى الملائكة، والصلاة من اللَّه المغفرة، ومن الملائكة الاستغفار.
ومثاله: قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ}[الحج: ١٨]، ولفظ "السجود" مشترك بين وضع الجبهة على الأرض، والخضوع والانقياد للقدرة الإلهية، والأول اختياري يصدر من بعض الناس، والثاني قهري حاصل من غيرهم، وكلاهما مراد في الآية، ونسب إلى الناس وغيرهم.
ويسمى هذا القواط عموم المشترك، أي: يطلق ويراد منه جميع معانيه، وهذا ما يربطه بالعام.