ينظر المرء أحيانًا إلى التفرق في الأمة، والخلاف بين أفرادها، والنزاع الناشب في صفوفها، والجدل الذي لا طائل تحته، والتعصب المقيت الذي يحجر على العقول، ويبحث عن السبب فيرى لأول وهلة أن سبب كل ذلك هو اختلاف الأئمة الذي جر هذه الويلات، ويتبادر إلى ذهنه فورًا السؤال عن أسباب اختلاف الفقهاء، ويخيل إليه أن اختلافهم كان نقمة على الأمة، وهذا ما يحاول أن يثيره أعداء الإسلام، وأتباع المستشرقين، وأذناب الاستعمار، وأبواق الغزو الفكري، ويوجهونه إلى ضعاف الإيمان، أو ضعاف النفوس، فيوقعون بينهم الشك والريبة والتردد، ويغرسون في نفوسهم عقدة النقص والعار في تاريخهم وأئمتهم.
وينظر المرء من جهة أخرى إلى هذا التراث الزاخر في الفقه والتشريع، ويطوف بين الأحكام وعللها، ومأخذ كل إمام وحجته، ويضيق أحيانًا مجال البحث على هيئة التشريع في بعض أحكام مذهب