للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المبحث الثاني منهج المتكلمين (الجمهور) في طرق دلالة اللفظ على المعنى]

التزم علماء الأصول من المتكلمين (الجمهور) منهجًا خاصًّا في تقسيم دلالة اللفظ، أو دلالة الخطاب الوارد في القرآن والسنة على الحكم الشرعي، ويعتمد هذا المنهج على ارتباط الدلالة بصريح اللفظ ومحل النطق، أو عدم ارتباطه به وعدم النطق.

وتنقسم دلالة اللفظ إلى قسمين:

١ - المنطوق: وهو ما دل عليه اللفظ في محل النطق، أي: إن دلالة المنطوق هي دلالة اللفظ على حكم ذكر في الكلام، ونطق به، سواء كان ذلك بالمطابقة، أو التضمن، أو الالتزام، وتسمى الدلالة اللفظية، وتشمل دلالة العبارة، ودلالة الإشارة، ودلالة الاقتضاء عند الحنفية، وأمثلة دلالة المنطوق كثيرة جدًّا، وهي معظِم أحكام الشرع المأخوذة مباشرة من القرآن والسنة، كقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥]، فالآية تدل بمنطوقها على جواز البيع وتحريم الربا، وقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: ٢٣]، فالآية تدل بمنطوقها على النهي عن التأفف وتحريمه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تُنكح المرأة على عمّتها" (١) يدل على تحريم الجمع بين المرأة وعمتها في النكاح.

٢ - المفهوم: هو ما دل عليه اللفظ لا في محل النطق، أي إن اللفظ دل على حكم شيء لم يذكر في الكلام، ولم ينطق به، بأن يثبت نقيض حكم المنطوق للمسكوت عنه، ويسمى الدلالة المعنوية أو الدلالة الالتزامية، وتدل على الحكم من باب دلالة الالتزام، وهو نوعان: مفهوم موافقة، وهو دلالة النص عند الحنفية، ويسمى كما سنرى فحوى الخطاب، ومفهوم مخالفة،


(١) هذا الحديث رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة ومالك وأحمد.

<<  <  ج: ص:  >  >>