للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النسخ، صار الدليلان متعارضين، فيترك العمل بهما معًا، ويبحث المجتهد عن دليل آخر، وكأن الواقعة لا نص فيها، قال الشيخ عبد الرحمن خلاف رحمه اللَّه تعالى: "وهذه صورة فرضية لا وجود لها" (١).

[الحالة الثانية: التعارض في الأقيسة]

اتفق الجمهور مع الحنفية في طريقة دفع التعارض بين الأقيسة المتعارضة، بأن يرجح المجتهد أحد الأقيسة بأحد الترجيحات التي سنذكرها لاحقًا، أو سبقت الإشارة إليها عند الحنفية، كالترجيح بالعلة المنصوصة على العلة المستنبطة بالمناسبة وغيرها (٢).

[حالة تعذر دفع التعارض]

إذا تعذر دفع التعارض بين الأدلة النصية، أو الأقيسة المتعارضة، ويسمى التعادل في نفس الأمر (٣)، فقد اختلف الجمهور في بيان الحل للمجتهد الذي عجز عن الترجيح، وتحير، ولم يجد دليلًا آخر، وذلك على عدة آراء، أهمها: الأول: القول بالتخير بأن يختار المجتهد العمل بأحد النصين أو أحد القياسين، والثاني: القول بالتساقط كالبينتين إذا تعارضتا مع طلب الحكم من موضع آخر كالرجوع إلى العموم، أو البراءة الأصلية، والثالث: التفصيل، فإن كان التعارض بين حديثين، تساقطا، ولا يعمل بواحد منهما، أو بين


(١) علم أصول الفقه، له ص ٢٣٢.
(٢) المستصفى (٢/ ٣٩٥)، المحصول (٥/ ٥٠٦، ٥٤٢)، جمع الجوامع والبناني (٢/ ٣١٠، ٣٦١) وما بعدها، نهاية السول (٣/ ١٩١)، شرح تنقيح الفصول ص ٤٢١، العدة (٣/ ١٠٤٧)، شرح الكوكب المنير (٤/ ٦٠٩)، المدخل إلى مذهب أحمد ص ١٩٧، الإحكام لابن حزم (١/ ١٥١)، البحر المحيط (٦/ ١١١)، علم أصول الفقه ص ٢٣٠، أصول الفقه الإسلامي، الزحيلي (٢/ ١١٨٢)، منهج التوفيق والترجيح ص ١١٣، وسائل الإثبات (٢/ ٨٠٨).
(٣) التعادل إما أن يكون في ذهن المجتهد، ويسمى التعادل الذهني، وحكمه الوقف أو التساقط أو الرجوع إلى غيرهما، وإما أن يكون في نفس الأمر، كما هنا (البحر المحيط ٦/ ١١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>